الاثنين، 14 يناير 2019

صلوات التطوع - أحكام ومسائل وفوائد-

1 )
المبحث الاول : مقدمات : 
أولا : تعريف : 
التطوع : يُطلق على فعل الطاعة مطلقاً ، فيشمل حتى الواجب قال تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ، ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم ) . مع أن الطواف بالصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة 
في اصطلاح الفقهاء : كل طاعة ليست بواجبة ، تسمى  تطوع 

ثانياً : الحكمة من تشريع التطوع : 
اعلم أن الله  عز وجل - شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه ، وفي ذلك حكم ، منها : 
 ليزداد المؤمنون إيمانا بفعل هذا التطوع 0
 تكمل به الفرائض يوم القيامة وتجبر النقص الحاصل فيها 0
 عدم الإملال وذلك للتنوع في التطوعات المختلفة من (  قراءة قرآن إلى نوافل صلوات إلي حج أو عمرة تطوعاً . وغيرها ) 
 إشباع الرغبة النفسية للعبد ، فهناك من له رغبة في نوع من العبادة كالصلاة أو الحج ، فتشريع التطوع ، يتيح له الفرصة لإشباع هذه الرغبة 
 تربية للنفس للارتقاء في درجات الطاعة وعدم الاكتفاء بالفرض .
 طريق لمحبة الله ، ففي الحديث القدسي يقول الله  عز وجل - : ( وما يزال يتقرب اليّ عبدي بالنوافل حتى احبه .) 
 هي دليل محبة العبد لله ، فمن احب شيئاً اكثر من ذكره 0
 طريق الى معالي الامور والترقي في الدرجات ، ففي الحديث : ( فانك لن تسجد لله سجدة الاّ رفعك الله بها درجة ) 
 اشغال للنفس في الطاعات والقربات ، ونفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية 
10  تربية للنفس على الالتزام بما شرع الله ، فمن داوم على ترك السنن يُوشك ان يترك الفرائض ،و الشيطان يحرص اكثر ما يحرص على التدرج مع المسلم في تركه للفرائض 
11  تربية للابناء في البيت ، فالزوج والزوجة في حرصهم على صلاة التطوع في البيت يعلمون ابناءهم الحرص عليها والمداومة على فعلها وتعليمهم الصلاة والمحافظة علىالسنة ..
12  صلاة التطوع في البيت نور وطرد للشيطان 
هذه بعض الحكم من تشريع التطوع ، ولها حكم لا يعلمها الاّ الله 
وحديثنا سوف ينصب على ( صلوات التطوع ) فقط 

ثالثاً : انواع صلاة التطوع :
 منها ما يُشرع له الجماعة مثل (  التراويح (
   ومنها ما لايُشرع له الجماعة مثل ( السنن الرواتب ) 
 منها ما هو تابع للفرض مثل ( السنن الرواتب ) 
   ومنها ما ليس بتابع للفرض مثل ( تحية المسجد ) 
 منها ما هو مؤقت مثل ( قيام الليل ) 
   ومنها ما ليس بمؤقت مثل ( سنة الوضوء ) 
 منها ما هو مقيد بسبب مثل ( تحية المسجد ) 
   ومنها ما ليس بمقيد بسبب مثل ( النوافل المطلقة ) 
رابعاً : ما هو الدليل على ان غير الصلوات الخمس هي  تطوع  ؟
الدليل الحديث الذي اتفق عليه الشيخان : 
( جاء رجل الى النبي  عليه الصلاة والسلام  من اهل نجد  وفيه ، فقال رسول الله  عليه الصلاة والسلام - : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل عليّ غيرها ؟ قال : لا ، الاّ ان تتطوع ) 
وما رواه الشيخان : من حديث ابن عباس ، ان النبي  عليه الصلاة والسلام  بعث معاذاً الى اليمن ، وفيه : ( فأعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ) 
على ان العلماء اختلفوا في وجوب بعض  التطوع  مثل ( صلاة العيد ) وليس هذا محل البحث فيها 

خامساً : آكد صلاة التطوع :
صلاة الكسوف ، وذلك لان النبي  عليه الصلاة والسلام  أمر بها وخرج اليها فزعاً وصلى صلاةً غريبة ، وعرضت عليه الجنة والنار ، وخطب الناس بعدها خطبة بليغة ،وشُرع لها الجماعة ، وأمر منادياً ينادي بها ( الصلاة جامعة ) ، فهي آكد صلاة التطوع ، بل قال بعض العلماء بوجوبها ، واقل ما يقال فيها انها من ( فروض الكفايات ، التي ان تركها جميع اهل البلد أثموا ) 
 ثم الوتر ، ثم الاستسقاء ثم التراويح ، اما العيد فهي خارج البحث لان القول بوجوبها ( قوي ) 

سادساً : صلاة الليل أفضل من صلاة النهار :
هذا في العموم ، لكن على التفصيل نقول : 
صلاة التطوع نوعان  كما مر بنا  نوع مطلق وآخر مقيد ..
اما المقيد : فهو افضل في الوقت الذي قُيد به او الحال التي قُيد بها ، مثال : 
تحية المسجد ، اذا دخلت ولو في النهار أفضل من صلاة الليل ، لانها مقيدة بحال من الاحوال وهي دخول المسجد 
اما المطلق : ففي الليل افضل منه بالنهار لحديث : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم 

سابعاً : ما حكم صلاة التطوع في اوقات النهي ؟؟
اولاً : ما هي اوقات النهي ؟
ثلاثة بالاختصار وخمسة بالبسط : 
 بالاختصار ، لان الموضوع ليس عن اوقات النهي : 
أ  من بعد صلاة الفجر الى ارتفاع الشمس قيد رمح 
ب  من بعد صلاة العصر الى غروب الشمس 
ج  عند قيام الشمس _ حيث يصبح ظل كل شيء تحته - حتى تزول  أي تميل عن كبد السماء نحو الزوال 
هذه اوقات النهي  بالاختصار 
- هذه الاوقات نُهي العبد عن الصلاة فيها لإسباب من اهمها ، عدم مشابهة الكفار فيها لانهم يسجدون فيها للشمس 

ثانياً : ما حكم صلاة التطوع في وقت النهي ؟
صلاة التطوع على قسمين : 
أ  ما لا سبب له  نافلة مطلقة  فهذا منهي عنه في هذه الاوقات ،مثال : 
رجل قام بعد صلاة العصر ليصلي دون سبب  بل نافلة مطلقة فنقول له ان هذا وقت نهي ، ولا سبب لصلاتك فيه ، فيُنهى عنها ..
ب  ما له سبب وتسمى  ذوات الاسباب  مثال : تحية المسجد سنة الوضوء  ركعتي الطواف 
فهذه لاحرج في اداءها وقت النهي  والدليل : 
الدليل الاول : قول النبي  عليه الصلاة السلام - : ( يا بني عبد مناف ، لاتمنعوا احداً طاف بهذا البيت و صلى فيه أية ساعة شاء من ليل او نهار )  وهذا صريح بانه لا يجوز لهم ان يمنعوا احداً طاف بهذا البيت في أي ساعة كانت ، لا بعد الصبح ولا بعد العصر ،ولا في أي وقت .
الدليل الثاني : حديث : ( اذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يُصلي ركعتين ) رواه البخاري .. فالحديث هذا فيه عموم .
وبعض العلماء قالوا (  بن عثيمين رحمه الله ) - : 
فرق بين من توضأ ليصلي في وقت النهي ، فلا يجوز 
وبين من توضأ للطهارة وكان ذلك في وقت نهي ، فيصلي لان نيته الطهارة وليس تعمد الصلاة في وقت النهي .
 
ثامناً : ما حكم الجماعة في صلاة التظوع ؟
تُشرع الجماعة في صلاة التطوع ، بشرط ان لاتُتخذ عادة راتبة ،والادلة على ذلك : 
‍ 1  حديث ابن عباس عندما صلى مع الرسول - عليه الصلاة السلام  صلاة الليل في بيت خالته ام المؤمنين  ميمونة  رضي الله عنها 
 حديث انس  رضي الله عنه - : ان جدته مليكة دعت رسول الله عليه الصلاة والسلام  لطعام صنعته له فأكل منه ، ثم قال : قوموا فلاصل لكم ، قال انس : ……. فقام رسول الله عليه الصلاة والسلام  وصففت انا واليتيم وراءه والعجوز وراءنا . ) متفق عليه 
قال بن حجر : وفي هذا الحديث من الفوائد ، صلاة النافلة جماعة في البيوت ) الفتح 1 / 490
قال شيخ الاسلام بن تيمية : 
( الاجتماع على صلاة النفل احياناً مما تُستحب فيه الجماعة اذا لم يُتخذ راتبة ، وكذا اذا كان لمصلحة مثل ان لا يُحسن ان يصلي وحده او لا ينشط وحده ، فالجماعة افضل لذا لم تُتخذ راتبة ) الاختيارات 64 

تاسعاً : ما حكم صلاة التطوع في السفر ؟
كان من هديه  عليه الصلاة والسلام  في سفره الاقتصار على الفرض ، ولم يُحفظ عنه انه صلى سنة الصلاة لا قبلها ولا بعدها الاّ  ماكان من الوتر وسنة الفجر فكان لا يتركهما لا في سفر و لافي حضر 
لكن ثبت عنه  التطوع المطلق  في السفر ، فكان يصلي على راحلته في أي وجه توجه ويوتر عليها ، غير انه لايصلي عليها المكتوبة ، كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر المتفق عليه 

عاشراً : المداومة على التطوع :
ثبت في الحديث قول النبي  عليه الصلاة والسلام - : ( وان احب الاعمال الى الله ما دووم عليه وان قل ) متفق عليه 

احد عشر : ما حكم صلاة التطوع في البيت ؟
التطوع في البيت افضل ، لحديث : ( فان افضل الصلاة صلاة المرء في بيته الاّ المكتوبة ) رواه الشيخان 
والحديث يدل على ان صلاة التطوع في البيت افضل الاّ المكتوبة ، وهذه الافضلية على الاطلاق ، سواء كانت صلاة التطوع مما يُشرع له الجماعة في المسجد ام لايُشرع  كما هو ظاهر الحديث 

ثاني عشر : هل تصح صلاة التطوع قاعداً :
نعم تصح ، لكنها على النصف من أجر صلاة القائم 
اما الفريضة فلا تصح - مع القدرة  الاّ مع القيام ، لان القيام مع القدرة في الفرائض ركن من اركان الصلاة ..
 
ثالث عشر : هل تصح صلاة التطوع مضطجعاً :
فيه خلاف  ، ففي الحديث : ( وأجر صلاة المضطجع على النصف من أجر صلاة القاعد ) رواه البخاري ..
جمهور العلماء لم يأخذوا بهذا الشطر من الحديث ، ولم يروا صحة صلاة المضطجع الاّ اذا كان معذوراً ، وبذلك قال شيخ الاسلام في الاختيارات ص 65 ..
قال الشيخ  بن عثيمين - : والصحيح ان هذه الجملة من الحديث لو عُمل بها لكان العمل بها صحيحاً وسديداً ،وذلك لانها وردت في الحديث - الشرح الممتع 

رابع عشر : هل يصح التطوع بركعة  بخلاف الوتر  ؟
اما في مذهب الامام احمد فقال في الروض 2 / 227 : " ويصح التطوع بركعة ونحوها " 
والصحيح : ان التطوع بركعة لايصح  والدليل : 
ان النبي  عليه الصلاة والسلام  قال للرجل الذي دخل وهو يخطب الجمعة : " قم فصلّ ركعتين وتجّوز فيهما " رواه ابو داود ..
وفي مسلم : " اذا جاء احدكم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) 
ولو كان يُشرع شيء أقل من الركعتين لأمره به من أجل ان يستمع للخطبة ، ولهذا أمره ان يتجّوز في الركعتين .

1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرسائل الأحدث

أحكام الإحداد