الأحد، 13 يناير 2019

تسوية الصفوف في الصلاة

تسوية الصفوف في الصلاة : 
فإن الداعي لهذا الموضوع ما نشاهده من زهد الكثير والكثير من المسلمين في الاهتمام بالصف الأول في الصلاة ، وعدم الاهتمام بتسوية الصفوف إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالصفوف في الصلاة ..
من المعلوم شرعاً أن تسوية الصفوف واجب الإمام والمأموم على حد سواء ، فيجب على المأموم السمع والطاعة لإمامه عند توجيهه إلى تسوية الصفوف والتراص فيها ، فيسعى المأموم جاهداً لإيجاد فرجة في الصف الذي أمامه ليحظى بأجر أكثر وأفضل مما لو تأخر ، وينبغي على المأموم أن لا يتضجر ولا يتسخط من تسوية الصفوف والعناية بها بل يكون عوناً لإمامه على ذلك ، لما فيه من التعاون على البر والتقوى ، والتناهي عن الإثم والعدوان .
ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لستهموا )) [ متفق عليه ] ، والنداء هو الأذان ، والاستهام هو الاقتراع ، أي لو يعلم الناس ما في الصف الأول من الأجر العظيم والفضيلة لتدافعوا وتنافسوا من أجل ذلك ، ولو جاؤا إلى الصف الأول دفعة واحدة وضاق عنهم الصف ولم يسمح بعضهم لبعض لاقترعوا عليه ، لأن كل منهم يريد أن يستأثر بأن يصلي في الصف الأول لما فيه من الخير والثواب الجزيل ، ولكن الشيطان لعب بكثير من الناس اليوم فإذا أقيمت الصلاة وقيل لهم أتموا الصف الأول جعلوا يلتفتون مندهشين مستغربين وما ذاك إلا لجهل أولئك الناس بأهمية الصفوف الأول في الصلاة .

** قال بن حجر في فتح الباري : [ قال العلماء في الحض على الصف الأول : المسارعة إلى خلاص الذمة ، والسبق لدخول المسجد ، والقرب من الإمام ، واستماع قراءته والتعلم منه ، والفتح عليه ، والتبليغ عنه ، والسلامة من اختراق المارة بين يديه ، وسلامة البال من رؤية من يكون أمامه ، وسلامة موضع سجوده من ثياب المصلين أمامه ] .

** وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع ، في مسألة تسوية الصفوف في الصلاة ، قال: [ القول الراجح في هذه المسألة وجوب تسوية الصف وأن الجماعة إذا لم يسووا الصف فهم آثمون ، . . . . وقال : إذا خالفوا فلم يسووا الصف فهل تبطل صلاتهم ، لأنهم تركوا أمراً واجباً ؟ 
الجواب : فيه احتمال ، قد يقال : أنها تبطل ، لأنهم تركوا الواجب ، ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى . . . ] .

ـ قال صلى الله عليه وسلم : (( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )) [ رواه مسلم ] ، فمن تسوية الصفوف والاهتمام بها أن تفرد النساء وحدهن ، بمعنى أن يكون النساء خلف الرجال خشية الاختلاط ، ففي هذا بيان أنه كلما كانت هناك حواجز بين صفوف الرجال والنساء كان ذلك أبعد كل البعد عن ما قد يحصل من الفتنة .

وفي الحديث السابق الحث على أن يبكر الرجال بالحضور للمساجد من أجل الحصول على فضيلة الصفوف الأول ، والتأخر للنساء من أجل الحصول على فضيلة الصفوف المتأخرة ، وذلك في حالة اتصال صفوف الرجال والنساء بدون أن يكون هناك حاجز ، أما إذا كان هناك حاجز بين الرجال والنساء فخير صفوف النساء أولها . والله تعالى أعلم .

*** قال النووي رحمه الله في شرح الحديث السابق في شرحه على مسلم : [ أما صفوف الرجال فهي على عمومها فخيرها أولها أبداً ، وشرها آخرها أبداً ، أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال ـ أي التي ليس بينها وبين صفوف الرجال حاجز ـ ، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً ، وأبعدها من مطلوب الشرع ، وفضّل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع أصواتهم ] .

*** ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تسوية الصفوف وأمر بذلك ، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما ، قال (( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ فقلنا : يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال: يتمون الصفوف الأول ، ويتراصون في الصف )) [ رواه مسلم ] .
ففي هذا الحديث دلالة واضحة على الاهتمام بتسوية الصفوف وتراصها فهذا دليل على وحدة الأمة ، والتزام جماعتها بدين واحد ، وإمام واحد ، والاهتمام بتراص الصفوف وإقامتها والمقاربة بينها من أجل ألا يكون هناك فرج للشيطان كي يدخل منها ، لأن الشيطان يدخل من الخلل ليفسد قلوب المصلين ويلبس عليهم في صلاتهم ، فقال صلى الله عليه وسلم (( رصوا صفوفكم ، وقاربوا بينها ، وحاذوا بالأعناق ، فوا لذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الخذف )) [ رواه أبو داود وغيره وهو صحيح ] .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال )  أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله ( [ رواه أبو داود وهو صحيح ] .
ففي هذا الحديث الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها والاهتمام بها حال القيام للصلاة وكذلك الاهتمام بسد الخلل حتى لا يدخل منه الشيطان ، وأن يضيق عليه مما يبطل كيده ويذهب وسوسته ، ويرد شره ، وينبغي العناية بوصل الصف والحذر كل الحذر من قطع الصف ، فإذا كانت هناك فرجة في الصف فيجب وصلها .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي صفوف الصحابة رضوان الله عليهم حتى وكأنما يسوي بها القداح أي مبالغة في تسويتها حتى تصير كأنما يقوم بها السهام لشدة استوائها واعتدالها ، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كاد يكبر رجلاً بادياً صدره من الصف ، فقال : ((عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم )) [ رواه مسلم] ، 
أخبرنا حميد بن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اعتدلوا في صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري } : قال : أنس لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ولو ذهبت تفعل ذلك لترى أحدهم كأنه بغل شموس .
وعن مالك عن أبي النضر عن مالك بن أبي عامر عن عثمان بن عفان أنه كان يقول ذلك في خطبته قلما يدع ذلك كلاما فيه : إذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف ، وحاذوا بالمناكب ، فإن اعتدال الصف من تمام الصلاة ، ثم لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أنها استوت فيكبر ......وعن عثمان أنه كان يقول : اعدلوا الصفوف وصفوا الأقدام وحاذوا بالمناكب ....
وعن ابن عباس : إياكم وما بين السواري ، وعليكم بالصف الأول ..... 
عن النعمان بن بشير قال : والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ....
وعن عبد الرحمن بن يزيد : سووا الصفوف ، فإن من تمام الصلاة إقامة الصف .
ففيه الحث على تسوية الصفوف وأنه يؤثر على حال الأمة وألفتها ، وعدم تسوية الصفوف يؤدي إلى الاختلاف والعداوة والبغضاء واختلاف القلوب وضعفها وسيطرة الشيطان عليها ووسوسته لها فيصرفها عن الصلاة حتى أن الإنسان لا يعقل من الصلاة إلا أقل القليل أو قد لا يعقل منها شيئاً . فالاهتمام بتسوية الصفوف من الضروريات التي ينبغي على الإمام والمأموم الانتباه لها وأخذ ذلك بعين الاعتبار . 
وليس المقصود بالتراص في الصلاة التزاحم ، بل المقصود الاعتدال والتناظم في الصف وعدم ترك فرجات وفراغات يدخل منها الشيطان ، فيشوش على المصلين ويلهيهم عن الخشوع في صلاتهم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تراصوا ولا تدعوا فرجات للشيطان )) [ رواه أبو داود وهو صحيح ] .

ـ عن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية ، يمسح صدورنا ، ومناكبنا ، ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم )) ، وكان يقول : (( إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول )) [ رواه أبو داود وهو صحيح ] . 
فأي فضل عظيم يتركه كثير من الناس اليوم ، فتجدهم لا يحرصون على الصفوف الأول بل يتأخرون ويتأخرون ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : (( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )) [ رواه مسلم ] . أي يؤخرهم عن رحمته وعظيم ثوابه .
فعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ ) رواه البخاري ( 690 ) ومسلم ( 433) , وفي رواية للبخاري ( 723 ) : ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ ( .
وتكون تسوية الصفوف بإلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم والمعتبر بالقدم هو الكعب ، كما ذكر بعض العلماء .
وتسوية الصف الواجبة هي ألا يتقدم أحد على أحد ، لا بصدره ، ولا بكعبه . 
قال في عون المعبود" :  وَالْمُرَاد بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوف : اِعْتِدَال الْقَائِمِينَ بِهَا عَلَى سَمْت وَاحِد " انتهى . 
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله" :  وتسوية الصَّفِّ تكون بالتساوي ، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد ، وهل المعتبر مُقدَّم الرِّجْلِ ؟ 
الجواب : المعتبر المناكب في أعلى البَدَن ، والأكعُب في أسفل البَدَن . . . 
وإنما اعتُبرت الأكعب ؛ لأنها في العمود الذي يَعتمد عليه البدنُ ، فإن الكعب في أسفل السَّاق ، والسَّاقُ هو عمودُ البَدَن ، فكان هذا هو المُعتبر وأما أطراف الأرجُل فليست بمعتبرة ؛ وذلك لأن أطراف الأرجُلِ تختلف ، فبعض الناس تكون رِجْلُه طويلة ، وبعضهم قصيرة ، فلهذا كان المعتبر الكعب . 
وهناك تسوية أخرى بمعنى الكمال ؛ يعني : الاستواء بمعنى الكمال ، كما قال الله تعالى : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) القصص/14 ، أي : كَمُلَ ، فإذا قلنا : استواءُ الصَّفِّ بمعنى كماله ؛ لم يكن ذلك مقتصراً على تسوية المحاذاة ، بل يشمَل عِدَّة أشياء : 
1- تسويةَ المحاذاة ، وهذه على القول الرَّاجح واجبة ، وقد سبقت 
2- التَّراصَّ في الصَّفِّ ، فإنَّ هذا مِن كماله ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك ، ونَدَبَ أمَّتَهُ أن يصفُّوا كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها ، يتراصُّون ويكملون الأول فالأول ، ولكن المراد بالتَّراصِّ أن لا يَدَعُوا فُرَجاً للشياطين ، وليس المراد بالتَّراص التَّزاحم ؛ لأن هناك فَرْقاً بين التَّراصِّ والتَّزاحم ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ... ولا تذروا فُرُجَات للشيطان ) أي : لا يكون بينكم فُرَج تدخل منها الشياطين ؛ لأن الشياطِين يدخلون بين الصُّفوفِ كأولاد الضأن الصِّغارِ ؛ من أجل أن يُشوِّشوا على المصلين صلاتَهم . 
3- ولا يُشرع في الثالث حتى يَكمُلَ الثاني وهكذا ، وقد نَدَبَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى تكميل الصفِّ الأول فقال : ( لو يعلم الناسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأولِ ؛ ثم لم يجدوا إلا أن يَسْتَهِمُوا عليه لاسْتَهَمُوا ) . يعني : يقترعون عليه ؛ فإذا جاء اثنان للصفِّ الأول ، فقال أحدهم : أنا أحقُّ به منك ، وقال الآخر : أنا أحقُّ ، قال : إذاً نقترعُ ، أيُّنا يكون في هذا المكان الخالي . 
4- ومِن تسوية الصُّفوف : التقاربُ فيما بينها ، وفيما بينها وبين الإِمام ؛ لأنهم جماعةٌ ، والجماعةُ مأخوذةٌ مِن الاجتماع : ولا اجتماع كامل مع التباعد ، فكلما قَرُبَت الصُّفوفُ بعضها إلى بعض ، وقَرُبَت إلى الإِمام كان أفضل وأجمل ، ونحن نرى في بعض المساجد أنَّ بين الإِمام وبين الصَّفِّ الأول ما يتَّسع لصفٍّ أو صفَّين ، أي : أنَّ الإِمام يتقدَّم كثيراً ، وهذا فيما أظنُّ صادر عن الجهل ، فالسُّنَّةُ للإمام أن يكون قريباً مِن المأمومين ، وللمأمومين أن يكونوا قريبين مِن الإِمام ، وأن يكون كلُّ صفٍّ قريباً مِن الصَّفِّ الآخر . 
           وحَدُّ القُرب : أن يكون بينهما مقدار ما يَسَعُ للسُّجودِ وزيادة يسيرة . 
5- أولُو الأحْلامِ والنُّهَى وكلَّما كان أقربَ كان أَولى ، ولهذا جاء الحثُّ على الدُّنوِّ مِن الإِمام في صلاة الجُمعة ، لأن الدُّنوَّ مِن الإِمام في صلاة الجُمعة يحصُل به الدُّنُو إليه في الصَّلاةِ ، وفي الخطبة ، فالدُّنُو مِن الإِمام أمرٌ مطلوب ، وبعضُ الناس يتهاون بهذا ؛ ولا يحرِصُ عليه . 
6- ومِن تسوية الصُّفوف : تفضيل يمين الصفِّ على شماله ، يعني : أنَّ أيمن الصَّفِّ أفضل مِن أيسره ، ولكن ليس على سبيل الإِطلاق ؛ كما في الصَّفِّ الأول ؛ لأنه لو كان على سبيل الإِطلاق ، كما في الصف الأول ؛ لقال الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلام : ( أتمُّوا الأيمن فالأيمن ) كما قال : ( أتمُّوا الصَّفَّ الأول ، ثم الذي يليه ) . 
وإنما يكون يمين الصف أفضل من يساره إذا تساوى اليمينُ واليسار أو تقاربا ، كما لو كان اليسار خمسة واليمين خمسة ؛ وجاء الحادي عشر ؛ نقول اذهبْ إلى اليمين ؛ لأنَّ اليمين أفضلُ مع التَّساوي ، أو التقارب أيضاً ؛ بحيث لا يظهر التفاوتُ بين يمين الصَّفِّ ويسارِه ، أما مع التَّباعد فلا شكَّ أنَّ اليسار القريبَ أفضل من اليمين البعيد . ويدلُّ لذلك : أنَّ المشروع في أول الأمر للجماعة إذا كانوا ثلاثة أن يقف الإِمام بينهما ، أي : بين الاثنين . وهذا يدلُّ على أن اليمينَ ليس أفضلَ مطلقاً ؛ لأنه لو كان أفضلَ مطلقاً ؛ لكان الأفضل أن يكون المأمومان عن يمينِ الإِمامِ ، ولكن كان المشروعُ أن يكون واحداً عن اليمين وواحداً عن اليسار حتى يتوسَّط الإِمام ، ولا يحصُل حَيْفٌ وجَنَفٌ في أحد الطرفين . 
7- ومِن تسوية الصُّفوفِ : أن تُفرد النِّساءُ وحدَهن ؛ بمعنى : أن يكون النِّساءُ خلف الرِّجال ، لا يختلط النِّساء بالرِّجال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيرُ صُفوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا ، وشرُّها آخِرُها ، وخيرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرُها ، وشرُّها أوَّلُها ) فبيَّن عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنه كلما تأخَّرت النِّساءُ عن الرِّجالِ كان أفضلَ . 
مسألة : ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم في تسوية الصفوف:
1- أقيموا صفوفكم وتراصُّوا
2- سوُّوا صفوفكم فإنّ تسوية الصفوف من إقامة الصلاة
3- سوُّوا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة
4- أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة
5- استووا ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم
6- أتموا الصفوف
7- أقيموا الصفوف. 
8- أقيموا صفوفكم - ثلاثاً 
9- أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدُّوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكمولا تذروا فُرجات للشيطان، ومن وصل صفّاً وصله الله، ومن قطع صفّاً قطعه الله
10- رصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق
11- أتموا الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر
12- استووا، استووا، استووا
13- لا تختلفوا فتختلف قلوبكم
14- أحسنوا إقامة الصفوف
15- ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ فقلنا يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: ((يتمون الصفوف الأُوَل ويتراصون في الصف((

من كتاب "الإمامة في الصلاة"
للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
مسألة : حكم قول "استقيموا" عند تسوية الصفوف في الصلاة "

قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ

وأما قول بعض الأئمة: "استقيموا" فإن هذه لا أصل لها، ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بحثت عنها وسألت بعض الإخوان أن يبحثوا عنها، فلم يجدوا لها أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: استقيموا

ولا وجه لقوله: "استقيموا"؛ لأن المراد بقوله: "استقيموا" يعني على دين الله وليس هذا محله؛ لأن هذا محل أمر الناس بإقامة الصفوف في الصلاة، فالمشروع أن يقول: أقيموا صفوفكم .. سووا صفوفكم .. وما أشبه ذلك.اهـ 

المرجع: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين 16/357
مسالة : لو كان الصف مستقيما ؟ 
في لقاء الباب المفتوح ( رقم 62 ) من كلام الشيخ ابن عثيمين ما نصه : 
لكن لو التفت – يعني الإمام – ووجد الصف مستقيماً متراصاً ، والناس متساوون في أماكنهم ، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا ، لأنه أمر قد حصل إلا أن يريد اثبتوا على ذلك. لأن هذه الكلمات لها معناها ، ليست كلمات تقال هكذا بلا فائدة ... ) ا. هـ

كانت تلكم جملة من الأحاديث الدالة على الاهتمام بالصف الأول والمسارعة إليه ، بل وحتى الاقتراع من أجل الحصول على الثواب العظيم والأجر الجزيل بالمحافظة على الصلاة في الصفوف الأول ، فينبغي على المصلين المسارعة إلى الصفوف الأول وكذا تسوية جميع الصفوف في الصلاة ، والتعاون والتناصح فيما بينهم من أجل ذلك الأمر حتى لايلحقهم الوعيد الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم في عدم تسوية الصفوف )  أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ، ففيه وعيد لمن ترك تسوية الصفوف متعمداً ، ولا وعيد إلا مع فعل أمر محرم أو ترك أمر واجب .

*** فليحذر المصلون من عدم تسوية الصفوف والتراص فيها ، وليكونوا إخواناً متعاونين على البر والتقوى ، متناهين عن الإثم والعدوان ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
فمن الجهل العظيم والخطر الجسيم أن يأتي الإنسان إلى بيوت الله تعالى لأداء الصلاة فيخرج من صلاته ولم يكتب له منها شئ ، فأي خسارة بعد هذه الخسارة ، فترك فرجات للشيطان مظنة إنقاص أجر الصلاة لما يسببه الشيطان من الوسوسة للمصلين في صلاتهم فتكون هذه الصلاة لا روح فيها ولا خشوع ولا طمأنينة وكل ذلك من أركان الصلاة ، فقد ينصرف الإنسان من صلاته ولم يعقل منها شئ ، فترفع إلى السماء فلا تفتح لها أبواب السماء فتلف في ثوب قديم بالٍ وترمى في وجه صاحبها وتقول : ضيعك الله كما ضيعتني . فهذا هو التفريط والتضييع بعينه .

وأختم بهذه الأحكام الخاصة بالصفوف في الصلاة :
من أحكام الصفوف :
إليك أخي الكريم بعضاً من الأحكام والفوائد المتعلقة بالصفوف وتسويتها في الصلاة :
1 - قال صلى الله عليه وسلم : (( لا صلاة لمنفرد خلف الصف )) ، وهذا الحديث يدل على أن من وجد فرجة في الصف ثم لم يصلها ويصلي فيها فصلاته غير صحيحة ، أما من حاول أن يجد فرجة في الصف واتقى الله ما استطاع فلا حرج عليه أن يصلي خلف الصف منفرداً . والله أعلم . 
2- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتراص وسد الخلل ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يتقون الصفوف بين السواري ـ أي بين الأعمدة ـ لما في ذلك من فصل الصف بعضه عن بعض ، ولكن إذا كان المسجد مزدحماً ففي هذه الحالة لاحرج في الاصطفاف بين الأعمدة ، أما في غير الحاجة في الصلاة بين السواري غير صحيحة . والله أعلم

3- الاهتمام بالأطفال أثناء إحضارهم للصلاة ، وتسويتهم في الصف بحيث يجعل الأب أبناؤه في الصف الذي أمامه أو عن جانبيه حتى يأمن عبثهم ، وعدم لعبهم ، ويحذر من سخط الناس ودعاءهم عليهم فيما لو تركوا يسرحون ويمرحون في بيوت الله ، فقد تصيب أحدهم دعوة أحد المسلمين فيبوء بها والعياذ بالله . 
4- صفوف النساء غالباً ما يعجز الإنسان عن تسويتها ، فصفوفهن عجيبة غريبة ، تجد صفاً مكتملاً والذي يليه ناقصاً من جهة أو أخرى ، والثالث في وسطه ثلة قليلة ، وهكذا من أخطاء النساء في تسوية الصفوف ، فلا ريب أن الشيطان سيدخل من خلل الصف ليفسد عليهن صلاتهن ، بل وأعجب من ذلك أنه إذا قُدمت النصيحة إليهن من إحدى الغيورات يقابلن ذلك بالنكران وعدم الإحسان ، وكان الواجب عليهن أن يكن متآلفات متعاونات على البر والتقوى ، وإلا فما الفائدة من حضورهن إلى المساجد فصلاة المرأة في بيتها خير لها ،
ولا يخفى على ذي لب ما لاتصال الصفوف وتسويتها وتراص الناس فيها وانتظامهم فيها كأسنان المشط ما لذلك من ألفة ومحبة واخوة ، حيث يشعر المسلون وكأنهم كالجسد الواحد ، ويسأل بعضهم عن حال بعض فيفرحون لفرح بعضهم بعضًا ويسارعون لنجدة الملهوف منهم ، ولم تأت تسوية الصفوف من فراغ بل جاءت ممن لا ينطق عن الهوى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، فعجباً لمن يرى في نفسه ترفعاً على إخوانه بل ويرجو ممن هو بجانبه ألا يلصق كعبه بكعبه بحجة أنه لا يستطيع الخشوع ولا الطمأنينة إلا بعيداً عمن هو بجانبه من إخوانه المسلمين ، فنقول له هل أنت أعلم أم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بالتراص في الصفوف وحذر من وجود الفرج لأن ذلك يسبب دخول الشيطان من خلل الصف مما يلهي المصلي عن صلاته فلا يطمأِن فيها ولا يخشع . ولكنه اتباع الهوى وما تمليه النفس الأمارة بالسوء ، فسبحان الله متى يشعر المسلمون بالأخوة والمحبة والألفة حتى يكونوا صفاً واحداً ضد أعدائهم ، ولكنه خلل في العقول والأفهام ، وقلة حيلة في العلم والإلمام .
2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرسائل الأحدث

أحكام الإحداد