الاثنين، 24 ديسمبر 2018

مسائل في الوقت

مسائل في الوقت ) : 

مسألة: ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها لعذر أو غيره 
.
أي : يحرم تأخير الصلاة عن وقتها ، لأنها مؤقتة بوقت محدد كما قال تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً).
وقال تعالى ( فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ (4) ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ ) .
قال بعض العلماء: هم الذين يؤخرونها عن وقتها

وقال تعالى ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً )

[غياً ]أي خسراناً، وقال ابن مسعود: واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم
.
قال بعض العلماء: إنما أضاعوا المواقيت. كما روي عن ابن مسعود.

وجبريل لما أمّ النبي في أول الوقت وفي آخره قال : يا محمد ! الصلاة ما بين هذين الوقتين 

وأن الله أمر بأداء الصلاة في حال الخوف والشدة مع الإمكان أن تؤخر وتؤدى بخشوع وسكينة ومع ذلك لم يراع هذا ، بل روعي أن تصلى في وقتها
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وتأخير الصلاة عن وقتها حرام باتفاق العلماء، وذلك لأن فعل الصلاة في وقتها فرض، والوقت أوكد فرائض الصلاة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك ، بل يصلي في الوقت بحسب حاله ، فإن كان محدثاً وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى ، وهذا لأن فعل الصلاة في وقتها فرض ، والوقت أوكد فرائض الصلاة
.
وقال رحمه الله : ”ولهذا اتفق العلماء على أن الرجل إذا كان عرياناً مثل أن تنكسر بهم السفينة ، أو تسلبه القطاع ثيابه ، فإنه يصلي في الوقت عرياناً ، والمسافر إذا عدم الماء يصلي بالتيمم في الوقت باتفاق العلماء ، وإن كان يجد الماء ، وكذلك إذا كان البرد شديداً فخاف إن اغتسل أن يمرض فإنه يتيمم ويصلي في الوقت ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت باغتسال وقد قال r : الصعيد الطيب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنيين ، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك فإن ذلك خير
.
وقال رحمه الله : ”ومن كان مستيقظاً في الوقت والماء بعيد منه لا يدركه إلا بعد الوقت فإنه يصلي في الوقت بالتيمم باتفاق العلماء ، ومن ظنّ أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" .

وقال رحمه الله : ”وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت ، كما قال النبيعليه الصلاة والسلام لعمران : صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ....، فالمريض باتفاق العلماء يصلي في الوقت قاعداً أو على جنب إذا كان القيام يزيد في مرضه ، ولا يصلي بعد خروج الوقت قائماً ، وهذا كله لأن فعل الصلاة في وقتها فرض ، والوقت أوكد فرائض الصلاة" .

ومن صلى بعد الوقت متعمداً فقد اختلف العلماء 

القول الأول : أنه يقضيها ....لقوله ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها 
.
قال النووي : ”فيه وجوب قضاء الفريضة الفائتة ، سواء تركها بعذر كنوم ونسيان أم بغير عذر ، وإنما قيد في الحديث بالنسيان لخروجه على سبب ، لأنه إذا وجب القضاء على المعذور ، فغيره أولى بالوجوب ، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى" .

القول الثاني : أنه لا يقضيها ، وهذا مذهب أهل الظاهر ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية
.
قالوا : أنه لو صلى قبل الوقت فصلاته باطلة بالاتفاق ، فكذلك لو صلاها بعد الوقت متعمداً فصلاته باطلة ، ففي كلا الحالين قد تعدى حدود الله لقول النبي : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) . رواه مسلم وهذا القول هو الراجح

وقوله ( أو تأخير بعضها ) أي يحرم تأخير بعض الصلاة بحيث يؤخرها حتى إذا لم يبق من الوقت إلا مقدار ركعة صلى ، لأن الواجب إيقاع الصلاة جميعها في الوقت



.
مسألة : إلا إذا أخرها ليجمعَها مع غيرِها فإنه يجوز لعذر من : سفر أو مطر أو مرض أو نحوها 
.
أي يجوز تأخيرها في حالة جواز الجمع لعذر من سفر أو مرض أو نحوها ، فيباح له التأخير ، لأن وقت الثانية يصير وقتاً لهما
وهذا الاستثناء يشبه أن يكون صورياً ، لأنه إذا جاز الجمع صار وقت الصلاتين وقتاً واحداً ، ولا يقال أخرها عن وقتها
بعض العلماء استثنى حالة : وهي إذا كان منشغل بشرطها الذي يحصله قريباً

مثال : إنسان انشق ثوبه فصار يخيطه ، فحان خروج الوقت ، فإن صلى قبل أن يخيطه صلى عرياناً ، وإن انتظر حتى يخيطه صلى مستتراً ، فقالوا : فهذا تحصيله قريب ، فهنا يجوز أن يؤخرها عن وقتها
.
لكن الصواب أنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة مطلقاً ، وأنه إذا خاف خروج الوقت صلى على حسب حاله وما عجز عنه من واجبات الصلاة يسقط عنه ، ولأنه لو جاز انتظار الشرط ما صح أن يشرع التيمم
.
مسألة : والأفضلُ تقديمُ الصلاة في أولِ وقتِها 
.
لقوله تعالى ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم . . ) ...ولأن ذلك أسرع في إبراء الذمة
.
ولحديث أبي برزة : ( كان رسول الله يصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ) 

ولحديث أبي برزة فقد جاء في رواية : ( كان النبي يصـلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ) متفق عليه تدحض : تزول .
ونقل الإجماع على ذلك النووي  
.
عن جابر رضي الله عنه قال : ( كان النبي يصلي المغرب إذا وجبت ) . متفق عليه

ولحديث رافع بن خديج : ( كنا نصلي مع النبي فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله ) . متفق عليه

قال النووي : ”معناه أنه يبكر بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف ويرمي أحدنا بالنبل عن قوسه ويبصر موقعه لبقاء الضوء" .


مسألة : إلا العشاء إذا لم يشق 

أي : إلا العشاء بشرط عدم المشقة
.
لحديث ابن عباس رضي الله عنه قال (أعتم النبي بالعشاء فخرج عمر فقال: رقد النساء والصبيان. فقال رسول الله «لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بهذه الصلاة هذه الساعة»). متفق عليه

وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: قال رسول الله لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل ) رواه أبو داود.

قوله ( أعتم) أي دخل في العتمة، وهي ظلمة الليل.

السبب في أن الأفضل تأخير العشاء:

أن فيه انتظار للصلاة وفي الحديث ( ولا يزال الإنسان في صلاة ما انتظر الصلاة 
أن تأخيرها يوافق هدأة الناس وسكونهم وهو أدعى للخشوع

سبب مراعاة النبي لحال الناس فيما يتعلق بصلاة العشاء لتجتنب المشقة على الناس ، خاصة النساء والصبيان
.
لأنه خشي أن تفرض عليهم في هذا الوقت فيشق على الأمة الالتزام بذلك
.

مسألة : وإلا الظهرَ في شدةِ الحر لحديث ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحرّ من فيح جهنم ) : 

أي : ومن الحالات التي يسن تأخير الصلاة عن أول وقتها ، صلاة الظهر في شدة الحر والدليل من قوله عليه الصلاة والسلام (إذا اشتد الحرّ فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحرّ من فيح جهنم ) . متفق عليه 

وهذا مذهب جمهور العلماء : أنه يستحب الإبراد
.
فابردوا بالصلاة ] أي أخروها عن ذلك الوقت وأدخلوا بها في وقت الإبراد ، وهذا الزمان الذي يتبين فيه انكسار شدة الحر [ فيح جهنم ] شدة حرها وشدة غليانها
.
يكون الإبراد إلى قرب وقت العصر فهذا الذي يحصل به الإبراد، قال الشيخ ابن عثيمين : ”فإذا قدرنا أن الشمس في أيام الصيف تزول الساعة [12] وأن العصر يؤذن الساعة الرابعة والنصف ، يكون الإبراد إلى الساعة [4تقريباً" .

ظاهر الحديث عدم الفرق بين الجماعة والمنفرد ،وقال أكثر المالكية : الأفضل للمنفرد التعجيل .
قال الشوكاني : ”والحق عدم الفرق ، لأن التأذي بالحر الذي يتسبب عنه ذهاب الخشوع يستوي فيه المنفرد وغيره" .
قال ابن رجب في شرح البخاري : ”اختلف في السبب الذي من أجله أمر بالإبراد : فمنهم من قال : هو حصول الخشوع فيها ، فلا فرق بين من يصلي وحده أو في جماعة ، ومنهم من قال : هو خشية المشقة على من بَعُدَ من المسجد بمشيه في الحرّ ، ومنهم من قال : هو وقت تنفس جهنم ، فلا فرق بين من يصلي وحده أو جماعة" .

مسألة : وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا مُرَتِّبًا 

أي : أنه من فاتته صلوات فإنه يجب عليه قضاؤها ..

فاتته : الفائتة كل عبادة خرجت عن وقتها سواء كانت نفلاً كالوتر ، أو فرضاً كالصلوات الخمس
.
وسمي قضاءً لأنه فعل العبادة بعد خروج وقتها ، والدليل على أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة 

حديث أنس قال : قال رسول الله : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) واللام للأمر والأمر للوجوب ، فدل على وجوب المبادرة بقضاء الصلاة الفائتة . وربما يستدل لذلك بقوله تعالى ( وأقم الصلاة لذكري ) أي لتذكري

ولأن هذا الإنسان الذي فاتته العبادة شغلت ذمته بها فوجب عليه قضاؤها ، لأنها كانت ديناً عليه

والنبي قضى صلاة الفجر حين نام عنها في السفر

قال الشوكاني : ”الحديثان يدلان على وجوب فعل الصلاة إذا فاتت بنوم أو نسيان ، وهو إجماع" .

أن الصلاة الفائتة تقضى على صفتها ، لأن القضاء يحكي الأداء

وقوله : ( فوراً ) أي يجب أن يقضيها مباشرة من حين أن يتذكرها

للحديث السابق : ( ... فليصلها إذا ذكرها ) ، فهذا يدل على أنها تقضى فور الذكر

فإن قال قائل : ما الجواب عن الحديث الذي فيه : أن النبي نام وأصحابه عن صلاة الفجر ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس ، فلم يصلها مباشرة بل قال  تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة ) وفي رواية : ( أمر بالارتحال وقال : فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان 

والجواب : أن هذا ليس فيه دلالة على التأخير المستمر ، لأن حديث أنس : ( من نام عن صلاة ... ) نص صريح في الوجوب على الفور ، وأما هذا الحديث فمحمول على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملاً معرضاً عن القضاء ، وخاصة أنه جاء في الحديث بيان السبب ، هو : ( أن هذا مكان حضرنا فيه الشيطان 

وقوله ( مرتبة ) أي يجب قضاء الصلوات الفائتة مرتبة
.
فإذا كان عليه خمس صلوات ؛ بدأ بالظهر ، ثم العصر ، ثم المغرب ، ثم العشاء ، ثم الفجر
.
والدليل على وجوب ذلك : حديث أنس السابق : ( ... فليصلها إذا ذكرها ) فهذا يشمل عين الصلاة وكيفية الصلاة ، وكذلك يشمل مكان الصلاة ، وإذا شمل مكانها لزم أن يكون في موضعها الترتيبي ، فمثلاً الظهر يصلها ما بين الفجر والعصر
ولحديث جابر : ( أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس ، فجعل يسب كفار قريش ؛ وقال : يا رسول الله ، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، فقال النبي : والله ما صليتها ، قال : فقمنا فتوضأ للصلاة فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب ) . متفق عليه

وكان النبي في الجمع يجمع بين الصلاتين ، فيبدأ بالأولى . ويمكن أن يستدل بحديث ( صلوا كما رأيتموني أصلي .

وظاهر الامر : ( ومن فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها أنه لا فرق بين المعذور كالنائم والناسي ، وغير المعذور ، وهو المتعمد ، وهذا مذهب جماهير العلماء ؛ أن المتعمد بتأخير الصلاة فإنه يقضيها لكنه آثم ( وسبقت المسألة وأن الراجح أنه لا يقضيها 
.
مسالة : / فَإِنْ نَسِيَ اَلتَّرْتِيبَ أَوْ جَهِلَهُ, أَوْ خَافَ فَوْتَ اَلصَّلَاةِ , سَقَطَ اَلتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اَلْحَاضِرَةِ 

الحالات التي يسقط فيها وجوب الترتيب 
.
منها : النسيان
.
مثال : كما لو كان على الإنسان خمس صلوات ، يبتدئ من الظهر ، فنسي فبدأ من الفجر مع أنها هي الأخيرة ، فهذا لا بأس لأنه ناس ، وكذا لو بدأ بالعصر قبل الظهر ناسياً فإنه يصح لنسيانه
.
لقوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا 

الحالة الثانية : الجهل 

مثال : لو أن إنساناً جاهلاً فبدأ بالعصر قبل الظهر ثم المغرب ، فهذا لا شيء عليه لأنه جاهل
.
وقد قال تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
.
وفي الحديث عنه أنه قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه ابن ماجه

الحالة الثالثة : أو خاف فوت الصلاة خوف خروج وقت الحاضرة
.
مثاله : كرجل ذكر فائتة وقد بقي على طلوع الشمس ما لا يتسع لصلاة الفائتة والفجر ، فهنا يقدم الحاضرة وهي الفجر .
لأن الله أمر أن تصلى الحاضرة في وقتها ، فإذا صليت غيرها أخرجتها عن وقتها
.
ولأنك إذا قدمت الفائتة لم تستفد شيئاً ، بل تضررت ، لأنك إذا قدمت الفائتة صارت كلتا الصلاتين قضاء ، وأما إذا بدأت بالحاضرة ؛ صارت الحاضرة أداء ، والثانية قضاء ، وهذا أولى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرسائل الأحدث

أحكام الإحداد