الأربعاء، 13 فبراير 2019

مسائل وفوائد في أحكام اليمين -١-

مسائل وفوائد في أحكام اليمين1  :  بقلم  :سلطان بن عبدالله العمري
مقدمات:
- اليمين هي: توكيد الحكم المحلوف عليه بذكر معظم على وجه مخصوص. حاشية الروض (7/464).
- وسميت بذلك لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كلٌ بيمين صاحبه. قاله الحافظ في الفتح (11/525).
- حروف القسم: الباء – الواو – التاء، والتاء لا تدخل في القسم إلا على (الله) فلو قال: (تالرحيم) لا يكون قسم.
- يكره الإفراط في الحلف لقوله تعالى: (ولا تطع كل حلاف مهين) ( القلم 10 ) فذمه لذلك يقتضي كراهية فعله، ولأنه قد يدخله الكذب.
مسألة : متى تصح اليمين؟
- تصح من كل مكلف مختار قاصدٍ إلى اليمين ولا تصح من صغير، ولا المجنون ولا النائم  لعموم حديث (رُفع القلم) صحيح الجامع 3512
* هل تصح يمين السكران ؟ على قولين بناءً على أنه هل هو مكلف أم لا؟ المغني (13/436).
أقسام اليمين:
1- اليمين المؤكدة لأمور ماضية أو مستقبلية.
2- اليمين اللغو التي تخرج من غير قصد لحقيقتها.
3- اليمين الغموس: اليمين الكاذبة على أمر ماض.
الحكمة من اليمين:
- حمل المخاطب على الثقة بكلام الحالف.
- لتقوية عزم الحالف على فعل شيء أو تركه.
- الغاية من اليمين : قصد توكيد الخبر ثبوتاً أو نفياً. الموسوعة الفقهية (7/245).
- الحلف المحرم :
- الحلف بالآباء ، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله وإلا فليصمت). رواه البخاري 5643
- وأما رواية: (أفلح وأبيه) التي أخرجها مسلم، فالجواب:
- أن ذلك كان يجري على لسانهم من غير قصد القسم.
- أن ذلك كان جائزاً ولكنه نُسخ وعليه أكثر الشراح.
- أن فيه حذف والتقدير: ورب أبيه.
- وقيل: إنه خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الخصائص لا تثبت بالاحتمال.
- الحلف بالمخلوق لا يجوز، وهو من الشرك لعموم حديث: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك). صحيح الجامع  6204
- ويكون شركاً أكبر إذا اعتقد في المحلوف به في التعظيم كما يكون لله تعالى , ويكون شركاً أصغر إذا لم يعتقد ذلك.
- هل تنعقد اليمين التي فيها حلف بغير الله ؟
قال ابن تيمية (1/335): وقد اتفق العلماء على أنه لا تنقعد اليمين بغيرالله تعالى، وهو الحلف بالمخلوقات , ولم يقل أحد من العلماء المتقدمين أنه تنعقد اليمين بأحد من الأنبياء إلا في نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنه عن أحمد روايتين, وأصل القول بانعقاد اليمين بالنبي ضعيف شاذ، ولم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم , والذي عليه الجمهور أنه لا تنعقد اليمين به كإحدى الروايتين عن أحمد، وهذا هو الصحيح.
- لايجوز الحلف بالأمانة لحديث : ليس منا من حلف بالأمانة . صحيح الجامع  5436
 * وكذلك بذمتك ، براس ابوك ، بحياة والديك ،
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق )). البخاري
 - ما هي اليمين الغموس؟
- هي اليمين الكاذبة، وصورتها: أن يحلف على أمر ماضٍ كذباً، وهي من الكبائر، وقد ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في الكبائر: (من الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) رواه البخاري 6182 , والصواب أنه ليس فيها كفارة ، وقالوا: الكفارة لا ترفع إثمها فلا تشرع، وهي أعظم من أن تكون لها كفارة، وهو قول أكثر أهل العلم. المغني(13/448).
قال ابن مسعود: كنا نعد اليمين التي لا كفارة فيها، اليمين الغموس، وهي من الكبائر.
- اليمين عند الخصومة والاختلاف :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يمينك على ما يصدقك صاحبك) رواه مسلم 3121 .
والمراد: يمينك التي تحلفها محمولة على المعنى الذي نويته ولا تنفع التورية هنا، فإن خالف حلفه نيته، كانت يمينه غموساً عند أكثر الفقهاء، ولو فتح هذا الباب لزالت حقوق كثير من الناس.

- أحوال اليمين :
o تكون اليمين واجبة، إذا كان فيها نجاة معصوم من هلكة لن ينجو إلا بالحلف.
o تكون مستحبة، في الحلف الذي تتعلق به مصلحة كإصلاح بين متخاصمين ونحو ذلك.
o تكون مباحة، مثل الحلف على فعل مباح أو تركه.
o تكون مكروهة، مثل الحلف على ترك مستحب، أو الحلف في البيع لأنه كما في الحديث: (الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة) رواه البخاري 1945 .
o تكون محرمة، كما سبق في اليمين الغموس، ولقوله تعالى: (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) وكذلك : الحلف على فعل معصية أو ترك واجب، المغني (13/443-445).
- مسألة الاستثناء في اليمين هي : أن يقول بعد اليمين (إن شاء الله) فإذا كان الاستثناء متصلاً باليمين فحنث فلا كفارة عليه، وفي الحديث: (من حلف على يمين فقال إن شاء فقد استثنى) رواه أبو داود، وهو في صحيح الجامع  6209  قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم.
قال في المغني: يشترط أن يكون الاستثناء متصلاً باليمين لا بعد زمن، ولو جاز الاستثناء في كل حال، لم يحنث حانث. أ.هـ. والعبرة في الاستثناء هو التلفظ ولا يكفي القصد، واتفقوا على أنه تكون للاستثناء لا للتبرك.
- الضابط الذي يجمع صور الاستثناء بالمشيئة (كل لفظ لا يتصور معه الحنث في اليمين) كقول الحالف عقب حلفه (إن شاء الله) إن يسر الله، بعون الله، إلا أن يشاء الله. الموسوعة الفقهية (7/278).

- مسألة : لو حلف على شيء ألا يفعله، ولكن فعله ناسياً.
الجواب: لا شيء عليه لعموم قوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ( البقرة 286 )  واختاره ابن قدامة (13/446) وهو اختيار الإمام ابن باز رحمه الله تعالى. الفتاوى (23/113) ولحديث: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) صحيح الجامع  1729 .
مسألة : لا يجوز للإنسان أن يُحرِّم على نفسه ما أحله الله له.
-  من حرم على نفسه حلالاً مما أباح الله من طعام، أو شراب، أو لباس، أو فعل، لم يَحْرم عليه، ويجب عليه إن فعله كفارة يمين.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [2]} [التحريم: 1- 2].
- مسألة الحلف لأخذ حقوق الآخرين.
عن الله عليه وسلم: (من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان) أخرجه البخاري ( 2185 ) قال الحافظ في الفتح : قَوْله ( لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ) فِي حَدِيث وَائِل بْن حُجْرٍ عِنْد مُسْلِم " وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " وَفِي رِوَايَة كُرْدُوسٍ عَنْ الْأَشْعَث عِنْد أَبِي دَاوُدَ " إلا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ " وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ بْن ثَعْلَبَة عِنْد مُسْلِم وَالنَّسَائِيِّ نَحْوه فِي هَذَا الْحَدِيث " فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّه لَهُ النَّار وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّة " وَفِي حَدِيث عِمْرَان عِنْد أَبِي دَاوُدَ " فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار " .
- مسائل:
- يجوز الحلف من غير استحلاف، وقد رود عنه صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع , قاله الحافظ وابن الملقن (9/250).
- إذا حلف على أمر ماض يظن صدق نفسه، فبان خلافه، فهذا لغو لا إثم فيه، لأنه لم يقصد الكذب، وبنى على غالب ظنه وهو قول أكثر أهل العلم، بل نقل ابن عبد البر الإجماع عليه، المغني (13/451)،ووافقه العلامة الفوزان في شرح البلوغ (6/54).
- ما حكم إبرار المقسم؟
روى البخاري ( 2265 ) في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم.
ولكن العلماء اختلفوا في الأمر هل هو للوجوب أو الاستحباب.
قال في المغني: والأمر هنا على سبيل الندب لا على سبيل الإيجاب، بدليل أن أبا بكر قال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني..، فقال الرسول: لا تقسم , ولم يخبره، ولو وجب عليه لأخبره.
ويحتمل أن يجب عليه إبراره إذا لم يكن عليه ضرر. المغني (13/503).
مثال : لو حلف عليه صديق ان يتغدى عنده او يبيت عنده او يسافر معه ، فالمستحدب ان يبر بقسمه
- مسألة : لو حلف على غيره، والله ليفعلن فلان كذا، فلم يفعل الآخر، فالكفارة على الحالف، في قول جماعة من أهل العلم. المغني (13/502).
- مسألة : إذا حلف على أجناس واحدة بحلف واحد فقال: والله لا أكلت ولا شرب ولا لبست، فحنث في الجميع، فكفارة واحدة، بلا خلاف؛ لأن اليمين واحدة والحنث واحد، فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث وتنحل اليمين.
- مسألة : لو حلف أيماناً على أجناس مختلفة، فقال: والله لا أكلت والله لا لبست، فحنث في واحدة فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى، بلا خلاف. المغني (13/474).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرسائل الأحدث

أحكام الإحداد