مسائل في سترة المصلي
س1 : ما هي السترة ؟ .
ج1 : شيء يجعله المصلي بينه وبين من يمر أمامه .
س2 : ما حكمها ؟. على أقوال :
ج2 : الوجوب وتاركها يأثم لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها" . ولقوله: " لا تصل إلا إلى سترة ". ولقوله :" إذا صلى أحدكم فليستتر وليقترب من السترة فإن الشيطان يمر بين يديه ". ولقوله : " ليجعل أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل ويصلي" .
- سُنّة ؛ لحديث ابن عباس ب في الصحيحين : أقبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ .. ( وها قول الجمهور منهم الأئمة الأربعة وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله )
س3 : هل يجوز الابتعاد عنها ؟ .
ج3 : لا، ومن ابتعد عنها أكثر من ثلاثة أذرع أثم وعرض صلاته لأن يفسدها الشيطان والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته " وقوله : "وليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها " وقوله : " وليقترب من السترة فإن الشيطان يمر بين يديه ".
وفي الحديث: " كان بين مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر شاة " . وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة جعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ثم صلى.
س4 : ما مقدار أقل السترة ؟ .
ج4 : مقدارها ذراع فوق مستوى مرور المار ، وهذا هو طول مؤخرة الرحل، وأما عرضها فلا حد لأقله فيجزئ السهم والحربة ونحوهما .
ولا يجوز أن يستتر بأقل من ذراع إلا إذا لم يجد هذا القدر بعد بذل وسعه فيفعل ما يقدر عليه والدليل قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) (التغابن 16) وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك " . وسئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال : " كمؤخرة الرحل" وقال : " إذا وضَع أحدُكم بين يدَيه مِثلَ مؤخِّرةِ الرحْلِ فلْيصَلِّ . ولا يُبالِ مَن مرَّ وراءَ ذلك " رواه مسلم
وغير ذلك من الأحاديث وسيأتي بعضها .
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحربة والعنزة والرمح فلا عبرة بعرضها كما قدمنا.
- مسألة : هل الخطوط في فرش المساجد تُعدُّ سترة ؟
قال ابن باز : لا تعتبر أطراف الفرش سترة للمصلي ، والسُّنة أن تكون السترة شيئا قائما .
وقال ابن عثيمين : في النفس منه شيء
س2: يقولون: إذا لم يجد المصلي سترة لا يجزئه الخط بالعصا في الأرض فما الحكم؟
- ج2: اختلف العلماء في مشروعية خط المصلي خطًّا أمامه يكون سترة له في صلاته وفي الاجتزاء بذلك إذا لم يجد عصا، فقال به سعيد بن جبير والأوزاعي وأحمد، وأنكره مالك والليث وأبو حنيفة ، وقال الشافعي بالخط وهو بالعراق ، وقال وهو بمصر : لا يخط خطًّا إلا أن يكون فيه سنة تتبع. ومنشأ الاختلاف في ذلك اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيه، وهو ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًّا ولا يضره ما مر بين يديه (فصححه أحمد وابن المديني وابن حبان والبيهقي ، قال الحافظ في (البلوغ): ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حسن، وضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم، فلم يجتزئوا بالخط في السترة للصلاة، والقول الأول أولى وأصح؛ للحديث المذكور. ( اللجنة – بن باز )
- ( قال العلماء : وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع ، إذا كانت السترة ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت ، إذا تيسر ذلك ، وإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة ، أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا ، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا ، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ، ولا يضره ما مر بين يديه ( فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة ، فإن وجد جدارا صلى إليه ، أو سارية ، أو كرسيا أو مركى مما يتوكأ عليه ، يجعله أمامه ، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض أو ما أشبهه ، يكون قائما طول الذراع ، أو ثلثي الذراع ، أو ما يقارب ذلك ، فإن لم يتيسر جعل وسادة أمامه ، أو عصا مطروحة أمامه ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) أو خطا إذا كان في الأرض كالصحراء ، إذا لم يكن عنده ) نور على الدرب بن باز
س5 : هل هناك من يستثنى من اتخاذ السترة ؟
ج5 : نعم يستثنى المأموم فقط فإنه لا يتخذ سترة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتخذ السترة ولا يتخذها أحد ممن خلفه .
س6 : ما أنواع هذه السترة ؟ .
ج6 : كل شيء في طول الذراع لقوله صلى الله عليه وسلم : " مثل مؤخرة الرحل " وقد ثبت أنه صلى إلى جدار وإلى عنزة وإلى حربة وإلى عكازة أو عصا وإلى الأسطوانة وإلى الراحلة والبعير والرحل وإلى الشجرة وإلى السرير والمرأة نائمة عليه وإلى الحصير المحتجر.
ولا تجوز الصلاة إلى قبر لنهيه عن ذلك حيث قال : " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها " .
وتكره الصلاة إلى ما يلهي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة " أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي ".
س7 : هل تجب السترة بمكة أم لا ؟
ج7 : السترة واجبة بمكة كغيرها، ولا دليل يصح في التفرقة بينها وبين غيرها، وقد اتخذ النبي ببطحاء مكة عنزة وصلى إليها الظهر والعصر، ولما دخل الكعبة اتخذ جدارها سترة، ولما طاف بالبيت جعل المقام بينه وبين البيت ثم صلى، وهكذا عمل أصحابه من بعده .
- ( وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة، فدل على أنها ليست واجبة ويستثنى من ذلك الصلاة في المسجد الحرام فإن المصلي لا يحتاج فيه إلى سترة لما ثبت عن ابن الزبير رضي الله عنهما، أنه كان يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة والطوّاف أمامه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك لكن بإسناد ضعيف، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام غالبًا، وعدم القدرة على السلامة من المرور بين يدي المصلي، فسقطت شرعية ذلك لما تقدم ويلحق بذلك المسجد النبوي في وقت الزحام وهكذا غيره من أماكن الزحام عملاً بقول الله عز وجل ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم ) متفق على صحته . والله ولي التوفيق ) اللجنة الدائمة
- ( لا حرج عليك ولا على غيرك من الطائفين والمصلين في المسجد الحرام من مرور النساء أمامكم أو وجودهن في الصف أو غير ذلك بسبب الزحـمة وعدم القدرة على السلامة من ذلك، وقد قال الله سبحانه ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقال سبحانه ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ( ، وقال عز وجل في سورة المائدة بعد ما ذكر التيمم ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) وكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يصلي في المطاف والطواف أمامه من الرجال والنساء وقد نص أهل العلم على ما ذكرنا. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحـمة الله وبركاته. ) بن باز رحمه الله
س8 : ما حكم المرور بين يدي المصلي ؟
ج8 : المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار، إذا كان بينه وبين سترته ، أو على بعد أقل من ثلاثة أذرع إذا لم يتخذ سترة ، لأنه أقصى بعد للسترة. والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : "ولو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه [من الإثم] لكان أن يقف أربعين [خريفا] خيراً له من أن يمر بين يديه ".
س9 : هل يستثنى أحد من هذا الحكم ؟ .
ج9 : نعم يستثنى المار بين الصفوف في صلاة الجماعة. فعن ابن عباس قال : جئت أنا والفضل على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فمررنا على بعض الصف فنزلنا فتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله في الصلاة فلم يقل لنا رسول الله شيئا . وفي رواية : أن الأتان مرت بين يدي بعض الصف الأول .
وعن عبد الله بن عمرو قال : هبطنا مع رسول الله من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة ، فصلى إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه في الجدار ومرت من ورائه.
س10 : ماذا يجب على المصلي إذا مر أحد بين يديه ؟
ج10 : إذا مر بين يدي المصلي أحد يجب عليه أن يرده، فإن أبى فليدفع في نحره ، فإن أبى فليقاتله بغير سلاح ، فإن هلك في ذلك الدفع فلا شيء عليه ولا قود ولا دية ولا كفارة، سواء كان المصلي يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة ، وإن تشاجرا ارتفعا إلى الحاكم ، وذلك لأن المار معه قرينه من الشياطين .
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين".
وعن أبي صالح قال : رأيت أبا سعيد في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يسترة من الناس ، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه ، فدفعه أبو سعيد في صدره ، فنظر الشاب فلم يجد مساغا إلا بين يديه ، فعاد ليجتاز ، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى ، فنال من أبي سعيد ، ثم دخل على مروان ، فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد ، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان فقال : مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ".وفي رواية " فليدفع في نحره ".
وفي رواية أخرى "فليمنعه مرتين فإن أبي فليقاتله " وزاد في رواية " فإنما ضربت الشيطان" .
وجاء في عدة روايات بدون التقييد بالسترة وجاء في رواية " فإن معه الشيطان " .
وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان عندما أراد أن يقطع صلاته، ورد البهيمة عندما أرادت أن تمر بين يديه كما سبق أن ذكرنا .
وعلى المصلي أن يمنع المار سواء كان صغيرا أم كبيرا ، سواء كان إنسانا أم غيره حتى إذا تطلب ذلك منه المشي حتى يلصق بطنه بسترته كما ثبت عنه وذكرناه آنفا.
ولا فرق بين مكة وغيرها في منع المار، وقد كان ابن عمر رضى الله عنهما يصلي في الكعبة فلا يدع أحدا يمر بين يديه، ويستثني من ذلك المار بين الصفوف في صلاة الجماعة كما ذكرنا آنفا .
س11 : لماذا يدفع المار ويقاتل؟ .
ج11 : يدفع المار ويقاتل لأنه ينقص من أجر الصلاة وأحيانا يبطلها وقد قال ابن مسعود رضى الله عنه : من استطاع منكم أن لا يمر بين يدي المصلى أنقص أجرا من الممرور عليه. وفي قوله : " مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم ثم لا يضره مامر بين يديه " ما يؤيد ذلك .
وأيضاً يدفع المار من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه يرتكب كبيرة ولابد من منعه من ارتكابها .
س12: قلت : إن المار أحيانا يبطل الصلاة فما الذي يبطلها ؟ .
ج12: يبطل الصلاة مرور الشيطان والكلب الأسود والحمار والمرأة البالغة والدليل قوله في السترة " فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ". وقوله : " إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة " وفي لفظ " إن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي" ومنع الشيطان يكون بالاقتراب من السترة كما في الحديث .
وأما غيره فبالدفع ، وبجعل السترة بين المصلي وبين هذه الأنواع . فقد قال صلى الله عليه وسلم :" يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل" وقال أيضاً : " يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض " أي: البالغة.
وعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله: " إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" قلت يا أبا ذر : ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ قال : يا ابن أخي ! سألت رسول الله كما سألتني فقال : " الكلب الأسود شيطان " . وفي لفظ لهذا الحديث : "تعاد الصلاة من ممر الحمار والمرأة والكلب الأسود".
وأما وجود هذه الأنواع بين يدي المصلي من غير مرور فلا شيء فيه فقد كان رسول الله يصلي وعائشة مضطجعة في قبلته .
س 13 : هل هناك فرق بين الرجل والمرأة ؟ .
ج13 : لا فرق بين الرجل والمرأة في شيء مما ذكرناه لعدم قيام دليل على ذلك .
1
س1 : ما هي السترة ؟ .
ج1 : شيء يجعله المصلي بينه وبين من يمر أمامه .
س2 : ما حكمها ؟. على أقوال :
ج2 : الوجوب وتاركها يأثم لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها" . ولقوله: " لا تصل إلا إلى سترة ". ولقوله :" إذا صلى أحدكم فليستتر وليقترب من السترة فإن الشيطان يمر بين يديه ". ولقوله : " ليجعل أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل ويصلي" .
- سُنّة ؛ لحديث ابن عباس ب في الصحيحين : أقبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ .. ( وها قول الجمهور منهم الأئمة الأربعة وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله )
س3 : هل يجوز الابتعاد عنها ؟ .
ج3 : لا، ومن ابتعد عنها أكثر من ثلاثة أذرع أثم وعرض صلاته لأن يفسدها الشيطان والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته " وقوله : "وليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها " وقوله : " وليقترب من السترة فإن الشيطان يمر بين يديه ".
وفي الحديث: " كان بين مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر شاة " . وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة جعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع ثم صلى.
س4 : ما مقدار أقل السترة ؟ .
ج4 : مقدارها ذراع فوق مستوى مرور المار ، وهذا هو طول مؤخرة الرحل، وأما عرضها فلا حد لأقله فيجزئ السهم والحربة ونحوهما .
ولا يجوز أن يستتر بأقل من ذراع إلا إذا لم يجد هذا القدر بعد بذل وسعه فيفعل ما يقدر عليه والدليل قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) (التغابن 16) وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك " . وسئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال : " كمؤخرة الرحل" وقال : " إذا وضَع أحدُكم بين يدَيه مِثلَ مؤخِّرةِ الرحْلِ فلْيصَلِّ . ولا يُبالِ مَن مرَّ وراءَ ذلك " رواه مسلم
وغير ذلك من الأحاديث وسيأتي بعضها .
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحربة والعنزة والرمح فلا عبرة بعرضها كما قدمنا.
- مسألة : هل الخطوط في فرش المساجد تُعدُّ سترة ؟
قال ابن باز : لا تعتبر أطراف الفرش سترة للمصلي ، والسُّنة أن تكون السترة شيئا قائما .
وقال ابن عثيمين : في النفس منه شيء
س2: يقولون: إذا لم يجد المصلي سترة لا يجزئه الخط بالعصا في الأرض فما الحكم؟
- ج2: اختلف العلماء في مشروعية خط المصلي خطًّا أمامه يكون سترة له في صلاته وفي الاجتزاء بذلك إذا لم يجد عصا، فقال به سعيد بن جبير والأوزاعي وأحمد، وأنكره مالك والليث وأبو حنيفة ، وقال الشافعي بالخط وهو بالعراق ، وقال وهو بمصر : لا يخط خطًّا إلا أن يكون فيه سنة تتبع. ومنشأ الاختلاف في ذلك اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيه، وهو ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًّا ولا يضره ما مر بين يديه (فصححه أحمد وابن المديني وابن حبان والبيهقي ، قال الحافظ في (البلوغ): ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حسن، وضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم، فلم يجتزئوا بالخط في السترة للصلاة، والقول الأول أولى وأصح؛ للحديث المذكور. ( اللجنة – بن باز )
- ( قال العلماء : وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع ، إذا كانت السترة ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت ، إذا تيسر ذلك ، وإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة ، أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا ، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا ، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ، ولا يضره ما مر بين يديه ( فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة ، فإن وجد جدارا صلى إليه ، أو سارية ، أو كرسيا أو مركى مما يتوكأ عليه ، يجعله أمامه ، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض أو ما أشبهه ، يكون قائما طول الذراع ، أو ثلثي الذراع ، أو ما يقارب ذلك ، فإن لم يتيسر جعل وسادة أمامه ، أو عصا مطروحة أمامه ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) أو خطا إذا كان في الأرض كالصحراء ، إذا لم يكن عنده ) نور على الدرب بن باز
س5 : هل هناك من يستثنى من اتخاذ السترة ؟
ج5 : نعم يستثنى المأموم فقط فإنه لا يتخذ سترة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتخذ السترة ولا يتخذها أحد ممن خلفه .
س6 : ما أنواع هذه السترة ؟ .
ج6 : كل شيء في طول الذراع لقوله صلى الله عليه وسلم : " مثل مؤخرة الرحل " وقد ثبت أنه صلى إلى جدار وإلى عنزة وإلى حربة وإلى عكازة أو عصا وإلى الأسطوانة وإلى الراحلة والبعير والرحل وإلى الشجرة وإلى السرير والمرأة نائمة عليه وإلى الحصير المحتجر.
ولا تجوز الصلاة إلى قبر لنهيه عن ذلك حيث قال : " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها " .
وتكره الصلاة إلى ما يلهي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة " أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي ".
س7 : هل تجب السترة بمكة أم لا ؟
ج7 : السترة واجبة بمكة كغيرها، ولا دليل يصح في التفرقة بينها وبين غيرها، وقد اتخذ النبي ببطحاء مكة عنزة وصلى إليها الظهر والعصر، ولما دخل الكعبة اتخذ جدارها سترة، ولما طاف بالبيت جعل المقام بينه وبين البيت ثم صلى، وهكذا عمل أصحابه من بعده .
- ( وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة، فدل على أنها ليست واجبة ويستثنى من ذلك الصلاة في المسجد الحرام فإن المصلي لا يحتاج فيه إلى سترة لما ثبت عن ابن الزبير رضي الله عنهما، أنه كان يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة والطوّاف أمامه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك لكن بإسناد ضعيف، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام غالبًا، وعدم القدرة على السلامة من المرور بين يدي المصلي، فسقطت شرعية ذلك لما تقدم ويلحق بذلك المسجد النبوي في وقت الزحام وهكذا غيره من أماكن الزحام عملاً بقول الله عز وجل ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم ) متفق على صحته . والله ولي التوفيق ) اللجنة الدائمة
- ( لا حرج عليك ولا على غيرك من الطائفين والمصلين في المسجد الحرام من مرور النساء أمامكم أو وجودهن في الصف أو غير ذلك بسبب الزحـمة وعدم القدرة على السلامة من ذلك، وقد قال الله سبحانه ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقال سبحانه ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ( ، وقال عز وجل في سورة المائدة بعد ما ذكر التيمم ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) وكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يصلي في المطاف والطواف أمامه من الرجال والنساء وقد نص أهل العلم على ما ذكرنا. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحـمة الله وبركاته. ) بن باز رحمه الله
س8 : ما حكم المرور بين يدي المصلي ؟
ج8 : المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار، إذا كان بينه وبين سترته ، أو على بعد أقل من ثلاثة أذرع إذا لم يتخذ سترة ، لأنه أقصى بعد للسترة. والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : "ولو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه [من الإثم] لكان أن يقف أربعين [خريفا] خيراً له من أن يمر بين يديه ".
س9 : هل يستثنى أحد من هذا الحكم ؟ .
ج9 : نعم يستثنى المار بين الصفوف في صلاة الجماعة. فعن ابن عباس قال : جئت أنا والفضل على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فمررنا على بعض الصف فنزلنا فتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله في الصلاة فلم يقل لنا رسول الله شيئا . وفي رواية : أن الأتان مرت بين يدي بعض الصف الأول .
وعن عبد الله بن عمرو قال : هبطنا مع رسول الله من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة ، فصلى إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه في الجدار ومرت من ورائه.
س10 : ماذا يجب على المصلي إذا مر أحد بين يديه ؟
ج10 : إذا مر بين يدي المصلي أحد يجب عليه أن يرده، فإن أبى فليدفع في نحره ، فإن أبى فليقاتله بغير سلاح ، فإن هلك في ذلك الدفع فلا شيء عليه ولا قود ولا دية ولا كفارة، سواء كان المصلي يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة ، وإن تشاجرا ارتفعا إلى الحاكم ، وذلك لأن المار معه قرينه من الشياطين .
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين".
وعن أبي صالح قال : رأيت أبا سعيد في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يسترة من الناس ، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه ، فدفعه أبو سعيد في صدره ، فنظر الشاب فلم يجد مساغا إلا بين يديه ، فعاد ليجتاز ، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى ، فنال من أبي سعيد ، ثم دخل على مروان ، فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد ، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان فقال : مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ".وفي رواية " فليدفع في نحره ".
وفي رواية أخرى "فليمنعه مرتين فإن أبي فليقاتله " وزاد في رواية " فإنما ضربت الشيطان" .
وجاء في عدة روايات بدون التقييد بالسترة وجاء في رواية " فإن معه الشيطان " .
وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان عندما أراد أن يقطع صلاته، ورد البهيمة عندما أرادت أن تمر بين يديه كما سبق أن ذكرنا .
وعلى المصلي أن يمنع المار سواء كان صغيرا أم كبيرا ، سواء كان إنسانا أم غيره حتى إذا تطلب ذلك منه المشي حتى يلصق بطنه بسترته كما ثبت عنه وذكرناه آنفا.
ولا فرق بين مكة وغيرها في منع المار، وقد كان ابن عمر رضى الله عنهما يصلي في الكعبة فلا يدع أحدا يمر بين يديه، ويستثني من ذلك المار بين الصفوف في صلاة الجماعة كما ذكرنا آنفا .
س11 : لماذا يدفع المار ويقاتل؟ .
ج11 : يدفع المار ويقاتل لأنه ينقص من أجر الصلاة وأحيانا يبطلها وقد قال ابن مسعود رضى الله عنه : من استطاع منكم أن لا يمر بين يدي المصلى أنقص أجرا من الممرور عليه. وفي قوله : " مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم ثم لا يضره مامر بين يديه " ما يؤيد ذلك .
وأيضاً يدفع المار من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه يرتكب كبيرة ولابد من منعه من ارتكابها .
س12: قلت : إن المار أحيانا يبطل الصلاة فما الذي يبطلها ؟ .
ج12: يبطل الصلاة مرور الشيطان والكلب الأسود والحمار والمرأة البالغة والدليل قوله في السترة " فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ". وقوله : " إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة " وفي لفظ " إن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي" ومنع الشيطان يكون بالاقتراب من السترة كما في الحديث .
وأما غيره فبالدفع ، وبجعل السترة بين المصلي وبين هذه الأنواع . فقد قال صلى الله عليه وسلم :" يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل" وقال أيضاً : " يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض " أي: البالغة.
وعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله: " إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" قلت يا أبا ذر : ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ قال : يا ابن أخي ! سألت رسول الله كما سألتني فقال : " الكلب الأسود شيطان " . وفي لفظ لهذا الحديث : "تعاد الصلاة من ممر الحمار والمرأة والكلب الأسود".
وأما وجود هذه الأنواع بين يدي المصلي من غير مرور فلا شيء فيه فقد كان رسول الله يصلي وعائشة مضطجعة في قبلته .
س 13 : هل هناك فرق بين الرجل والمرأة ؟ .
ج13 : لا فرق بين الرجل والمرأة في شيء مما ذكرناه لعدم قيام دليل على ذلك .
1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق