1 )
المبحث الاول : مقدمات :
أولا : تعريف :
- التطوع : يُطلق على فعل الطاعة مطلقاً ، فيشمل حتى الواجب قال تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ، ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم ) …. مع أن الطواف بالصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة …
- في اصطلاح الفقهاء : كل طاعة ليست بواجبة ، تسمى – تطوع –
ثانياً : الحكمة من تشريع التطوع :
- اعلم أن الله – عز وجل - شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه ، وفي ذلك حكم ، منها :
1 – ليزداد المؤمنون إيمانا بفعل هذا التطوع 0
2 – تكمل به الفرائض يوم القيامة وتجبر النقص الحاصل فيها 0
3 – عدم الإملال وذلك للتنوع في التطوعات المختلفة من ( قراءة قرآن إلى نوافل صلوات إلي حج أو عمرة تطوعاً …. وغيرها )
4 – إشباع الرغبة النفسية للعبد ، فهناك من له رغبة في نوع من العبادة كالصلاة أو الحج ، فتشريع التطوع ، يتيح له الفرصة لإشباع هذه الرغبة …
5 – تربية للنفس للارتقاء في درجات الطاعة وعدم الاكتفاء بالفرض .
6 – طريق لمحبة الله ، ففي الحديث القدسي يقول الله – عز وجل - : ( وما يزال يتقرب اليّ عبدي بالنوافل حتى احبه ….)
7 – هي دليل محبة العبد لله ، فمن احب شيئاً اكثر من ذكره 0
8 – طريق الى معالي الامور والترقي في الدرجات ، ففي الحديث : ( فانك لن تسجد لله سجدة الاّ رفعك الله بها درجة )
9 – اشغال للنفس في الطاعات والقربات ، ونفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية
10 – تربية للنفس على الالتزام بما شرع الله ، فمن داوم على ترك السنن يُوشك ان يترك الفرائض ،و الشيطان يحرص اكثر ما يحرص على التدرج مع المسلم في تركه للفرائض …
11 – تربية للابناء في البيت ، فالزوج والزوجة في حرصهم على صلاة التطوع في البيت يعلمون ابناءهم الحرص عليها والمداومة على فعلها وتعليمهم الصلاة والمحافظة علىالسنة ..
12 – صلاة التطوع في البيت نور وطرد للشيطان …
- هذه بعض الحكم من تشريع التطوع ، ولها حكم لا يعلمها الاّ الله …
- وحديثنا سوف ينصب على ( صلوات التطوع ) فقط
ثالثاً : انواع صلاة التطوع :
1 – منها ما يُشرع له الجماعة مثل ( التراويح (
ومنها ما لايُشرع له الجماعة مثل ( السنن الرواتب )
2 – منها ما هو تابع للفرض مثل ( السنن الرواتب )
ومنها ما ليس بتابع للفرض مثل ( تحية المسجد )
3 – منها ما هو مؤقت مثل ( قيام الليل )
ومنها ما ليس بمؤقت مثل ( سنة الوضوء )
4 – منها ما هو مقيد بسبب مثل ( تحية المسجد )
ومنها ما ليس بمقيد بسبب مثل ( النوافل المطلقة )
رابعاً : ما هو الدليل على ان غير الصلوات الخمس هي – تطوع – ؟
- الدليل الحديث الذي اتفق عليه الشيخان :
( جاء رجل الى النبي – عليه الصلاة والسلام – من اهل نجد … وفيه ، فقال رسول الله – عليه الصلاة والسلام - : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل عليّ غيرها ؟ قال : لا ، الاّ ان تتطوع )
- وما رواه الشيخان : من حديث ابن عباس ، ان النبي – عليه الصلاة والسلام – بعث معاذاً الى اليمن ، وفيه : ( فأعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة )
- على ان العلماء اختلفوا في وجوب بعض – التطوع – مثل ( صلاة العيد ) وليس هذا محل البحث فيها …
خامساً : آكد صلاة التطوع :
- صلاة الكسوف ، وذلك لان النبي – عليه الصلاة والسلام – أمر بها وخرج اليها فزعاً وصلى صلاةً غريبة ، وعرضت عليه الجنة والنار ، وخطب الناس بعدها خطبة بليغة ،وشُرع لها الجماعة ، وأمر منادياً ينادي بها ( الصلاة جامعة ) ، فهي آكد صلاة التطوع ، بل قال بعض العلماء بوجوبها ، واقل ما يقال فيها انها من ( فروض الكفايات ، التي ان تركها جميع اهل البلد أثموا ) …
- ثم الوتر ، ثم الاستسقاء ثم التراويح ، اما العيد فهي خارج البحث لان القول بوجوبها ( قوي )
سادساً : صلاة الليل أفضل من صلاة النهار :
- هذا في العموم ، لكن على التفصيل نقول :
- صلاة التطوع نوعان – كما مر بنا – نوع مطلق وآخر مقيد ..
- اما المقيد : فهو افضل في الوقت الذي قُيد به او الحال التي قُيد بها ، مثال :
- تحية المسجد ، اذا دخلت ولو في النهار أفضل من صلاة الليل ، لانها مقيدة بحال من الاحوال وهي دخول المسجد …
- اما المطلق : ففي الليل افضل منه بالنهار لحديث : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم
سابعاً : ما حكم صلاة التطوع في اوقات النهي ؟؟
اولاً : ما هي اوقات النهي ؟
- ثلاثة بالاختصار وخمسة بالبسط :
1 – بالاختصار ، لان الموضوع ليس عن اوقات النهي :
أ – من بعد صلاة الفجر الى ارتفاع الشمس قيد رمح
ب – من بعد صلاة العصر الى غروب الشمس
ج – عند قيام الشمس _ حيث يصبح ظل كل شيء تحته - حتى تزول – أي تميل عن كبد السماء نحو الزوال –
- هذه اوقات النهي – بالاختصار –
- - هذه الاوقات نُهي العبد عن الصلاة فيها لإسباب من اهمها ، عدم مشابهة الكفار فيها لانهم يسجدون فيها للشمس …
ثانياً : ما حكم صلاة التطوع في وقت النهي ؟
- صلاة التطوع على قسمين :
أ – ما لا سبب له – نافلة مطلقة – فهذا منهي عنه في هذه الاوقات ،مثال :
- رجل قام بعد صلاة العصر ليصلي دون سبب – بل نافلة مطلقة –فنقول له ان هذا وقت نهي ، ولا سبب لصلاتك فيه ، فيُنهى عنها ..
ب – ما له سبب وتسمى – ذوات الاسباب – مثال : تحية المسجد –سنة الوضوء – ركعتي الطواف …
- فهذه لاحرج في اداءها وقت النهي … والدليل :
- الدليل الاول : قول النبي – عليه الصلاة السلام - : ( يا بني عبد مناف ، لاتمنعوا احداً طاف بهذا البيت و صلى فيه أية ساعة شاء من ليل او نهار ) وهذا صريح بانه لا يجوز لهم ان يمنعوا احداً طاف بهذا البيت في أي ساعة كانت ، لا بعد الصبح ولا بعد العصر ،ولا في أي وقت ….
- الدليل الثاني : حديث : ( اذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يُصلي ركعتين ) رواه البخاري .. فالحديث هذا فيه عموم ….
- وبعض العلماء قالوا –( بن عثيمين رحمه الله ) - :
- فرق بين من توضأ ليصلي في وقت النهي ، فلا يجوز
- وبين من توضأ للطهارة وكان ذلك في وقت نهي ، فيصلي لان نيته الطهارة وليس تعمد الصلاة في وقت النهي ….
-
ثامناً : ما حكم الجماعة في صلاة التظوع ؟
- تُشرع الجماعة في صلاة التطوع ، بشرط ان لاتُتخذ عادة راتبة ،والادلة على ذلك :
1 – حديث ابن عباس عندما صلى مع الرسول - عليه الصلاة السلام – صلاة الليل في بيت خالته ام المؤمنين – ميمونة – رضي الله عنها …
2 – حديث انس – رضي الله عنه - : ان جدته مليكة دعت رسول الله –عليه الصلاة والسلام – لطعام صنعته له فأكل منه ، ثم قال : قوموا فلاصل لكم ، قال انس : ……. فقام رسول الله –عليه الصلاة والسلام – وصففت انا واليتيم وراءه والعجوز وراءنا …. ) متفق عليه
- قال بن حجر : وفي هذا الحديث من الفوائد ، صلاة النافلة جماعة في البيوت ) الفتح 1 / 490
- قال شيخ الاسلام بن تيمية :
- ( الاجتماع على صلاة النفل احياناً مما تُستحب فيه الجماعة اذا لم يُتخذ راتبة ، وكذا اذا كان لمصلحة مثل ان لا يُحسن ان يصلي وحده او لا ينشط وحده ، فالجماعة افضل لذا لم تُتخذ راتبة ) الاختيارات 64
تاسعاً : ما حكم صلاة التطوع في السفر ؟
- كان من هديه – عليه الصلاة والسلام – في سفره الاقتصار على الفرض ، ولم يُحفظ عنه انه صلى سنة الصلاة لا قبلها ولا بعدها الاّ ماكان من الوتر وسنة الفجر فكان لا يتركهما لا في سفر و لافي حضر …
- لكن ثبت عنه – التطوع المطلق – في السفر ، فكان يصلي على راحلته في أي وجه توجه ويوتر عليها ، غير انه لايصلي عليها المكتوبة ، كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر المتفق عليه …
عاشراً : المداومة على التطوع :
- ثبت في الحديث قول النبي – عليه الصلاة والسلام - : ( وان احب الاعمال الى الله ما دووم عليه وان قل ) متفق عليه
احد عشر : ما حكم صلاة التطوع في البيت ؟
- التطوع في البيت افضل ، لحديث : ( فان افضل الصلاة صلاة المرء في بيته الاّ المكتوبة ) رواه الشيخان
- والحديث يدل على ان صلاة التطوع في البيت افضل الاّ المكتوبة ، وهذه الافضلية على الاطلاق ، سواء كانت صلاة التطوع مما يُشرع له الجماعة في المسجد ام لايُشرع – كما هو ظاهر الحديث –
ثاني عشر : هل تصح صلاة التطوع قاعداً :
- نعم تصح ، لكنها على النصف من أجر صلاة القائم …
- اما الفريضة فلا تصح - مع القدرة – الاّ مع القيام ، لان القيام مع القدرة في الفرائض ركن من اركان الصلاة …..
-
ثالث عشر : هل تصح صلاة التطوع مضطجعاً :
- فيه خلاف ، ففي الحديث : ( وأجر صلاة المضطجع على النصف من أجر صلاة القاعد ) رواه البخاري ..
- جمهور العلماء لم يأخذوا بهذا الشطر من الحديث ، ولم يروا صحة صلاة المضطجع الاّ اذا كان معذوراً ، وبذلك قال شيخ الاسلام في الاختيارات ص 65 ..
- قال الشيخ – بن عثيمين - : والصحيح ان هذه الجملة من الحديث لو عُمل بها لكان العمل بها صحيحاً وسديداً ،وذلك لانها وردت في الحديث …- الشرح الممتع –
رابع عشر : هل يصح التطوع بركعة – بخلاف الوتر – ؟
- اما في مذهب الامام احمد فقال في الروض 2 / 227 : " ويصح التطوع بركعة ونحوها "
- والصحيح : ان التطوع بركعة لايصح … والدليل :
- ان النبي – عليه الصلاة والسلام – قال للرجل الذي دخل وهو يخطب الجمعة : " قم فصلّ ركعتين وتجّوز فيهما " رواه ابو داود ..
- وفي مسلم : " اذا جاء احدكم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما )
- ولو كان يُشرع شيء أقل من الركعتين لأمره به من أجل ان يستمع للخطبة ، ولهذا أمره ان يتجّوز في الركعتين ….
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق