الخميس، 10 يناير 2019

أحكام صلاة الوتر

أحكام صلاة الوتر


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آله وصحبه

¤ تعريف الوتْر (بفتح الواو وكسرها) :
• لغة: الفرد أو العدد الفردي سواء كان واحداً أو أكثر، إذا لم يكن عدداً مزدوجاً.
قال تعالى :" والشفع والوتر" وفي الحديث (إن الله وتر يحب الوتر)
• اصطلاحاً: هو صلاة التطوع الفردية في الليل، وقيل: الركعة التي تختم بها صلاة الليل.

¤ فضل الوتر :
• الوتر من العبادات العظيمة و الطاعات الجليلة التي اهتم النبي صلى الله عليه و سلم بشأنها وحافظ عليها وحرص على أدائها وأولاها أشد عناية، فكان عليه الصلاة والسلام لايدع الوتر أبداً سفراً ولا حضراً.
و في المسند من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: ( إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها، وهي الوتر) صححه الألباني في صحيح الجامع

وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حمر النعم، قلنا ماهي يا رسول الله قال: الوتر) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الحاكم وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في حاشية بلوغ المرام، رواه الإمام أحمد بإسناد حسن،
و في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة أن لا ينام حتى يُوتر، وفي صحيح مسلم أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء بذلك أيضاً، وفي المسند أوصى به أبا ذر أيضاً، وفي الصحيحين (إن الله وتر يحب الوتر).

¤ التحذير من ترك الوتر:
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إهمال الوتر وتركه ومن التهاون فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: ( من لم يوتر فليس منا) أخرجه أحمد و أبو داود، وصححه الحاكم، وهو ضعيف
لكن صح عنه عليه الصلاة والسلام حديث : ( الوتر حق على كل مسلم ) صحيح ابي داوؤد
و قال الإمام أحمد رحمه الله في رجل يترك الوتر متعمداً: هذا رجل سوء، يترك سنة سنها النبي صلى الله عليه و سلم، ثم قال: هذا ساقط العدالة إذا ترك الوتر متعمداً.

¤ حكم صلاة الوتر:
صلاة الوتر سنة مؤكدة وليست بواجبة، وهو مذهب الجمهور وعليه جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين.
• واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الوتر واجب على من له ورد من قيام الليل، وذلك لحديث: (اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً) متفق عليه
• ولا يجوز تكرار صلاة الوتر في ليلة واحدة لحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( لا وتران في ليلة) أخرجه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان والألباني.

¤ وقت صلاة الوتر:
• وقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، لحديث:( الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر) وحديث: ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى) متفق عليه، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر، وكذلك إذا صلى العشاء جمع تقديم مع المغرب، فيبدأ وقت الوتر من بعد تمام صلاة العشاء

• لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدركَ الصبح ولم يُوتِرْ فلا وِتْرَ لهُ)صححه الألباني،
لكن إن فاته حتى طلع الفجر فله أن يصليه ما لم يصل الصبح، واستدلوا على ذلك بحديث: (من نام عن الوتر، أو نسيه، فليصل إذا أصبح، أو ذكر) رواه الخمسة إلا النسائي و صححه الحاكم و الذهبي و الألباني،
واستدلوا كذلك بآثار وردت عن الصحابة أنهم كانوا يوترون بعد طلوع الفجر، ومنهم ابن مسعود وابن عباس وعبادة بن الصامت و أبو الدرداء وحذيفة وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين، و هذا مذهب مالك و الشافعي و أحمد.

• من فاته الوتر حتى أصبح فيشرع في حقه أن يقضيه بعد طلوع الشمس شفعاً، فإن كان يوتر بواحدة قضاها ثنتين، وإن كان يوتر بثلاث قضاها أربعاً، وهكذا. لحديث عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة)

• أفضل وقته في الثلث الأخير من الليل، خاصة إذا وثق من استيقاظه آخر الليل، لحديث عائشة رضي الله عنها: (من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه و سلم، من أول الليل وأوسطه وأخره، فانتهى وتره إلى السحر) متفق عليه،
و إن خشي ألا يستيقظ آخر الليل أوتر قبل أن ينام لحديث جابر -رضي الله عنه-: (من خاف منكم ألا يستيقظ آخر الليل فليوتر من أوله وليرقد) رواه مسلم،
وصلاة آخر الليل تشهدها الملائكة، وهذه ميزة كبرى لأن هذا هو وقت المناجاة حينما ينزل الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) متفق عليه.

• والوتر آخر الليل هو التهجد الذي ذكره الله جل وعلا في كتابه العزيز،{ ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماًمحموداً}، و التهجد لا يكون إلا بعد النوم، وهو وقت الناشئة التي قال الله جل وعلا فيها: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً و أقوم قيلاً)، ولا تكون الناشئة إلا بعد رقدة.

¤ عدد ركعات الوتر وصفته :
1- الوتر بركعة واحدة:
وهو مذهب الجمهور لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( ويوتر بركعة من آخر الليل) رواه مسلم، وذهب الحنفية إلى عدم جواز الإيتار بركعة لحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البتيراء، أن يصلي الرجل الوتر ركعة واحدة)، ولكنه حديث لا يصح، وضعفه غير واحد من أهل العلم، والصحيح جواز الإيتار بركعة واحدة.

2- الوتر بثلاث ركعات:
وقد ورد على صفتين كلتاهما مشروعة:
الأولى: أن يصلي ركعتين و يسلم، ثم يصلي الثالثة وحدها، لحديث ابن عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفصل الشفع و والوتر بتسليم يسمعناه) أخرجه أحمد وابن حبان وقواه الحافظ في الفتح وصححه الألباني في الإرواء، وفي البخاري عن نافع، أن ابن عمر -رضي الله عنهما- (كان يسلّم بين الركعتين و والوتر حتى يأمر ببعض حاجته)

الثانية: أن يصلي الثلاث بتشهد واحد:
لحديث أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن) أخرجه مالك والنسائي وصححه الحاكم و وافقه الذهبي،

ملاحظة1/ لا يشرع أن تُصلى الوتر بتشهدين وسلام واحد،لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تشبّه صلاة الوتر بصلاة المغرب، أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: «صحيح على شرط الشيخين»، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: «إسناده على شرط الشيخين»

ملاحظة2/ يستحب إذا أوتر بثلاث أن يقرأ في الأولى ب{سبح اسم ربك الأعلى} والثانية {قل يا أيها الكافرون} والثالثة {قل هو الله أحد}، لحديث ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر ب{سبح اسم ربك الأعلى} و {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} في ركعة ركعة)، أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
ومعنى في ركعة ركعة: أي في كل ركعة سورة منها.

3- الوتر بخمس ركعات:
وتكون خمس ركعات لا يجلس فيها إلا للتشهد في آخرها و يسلّم
لحديث عائشة -رضي الله عنها- ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها) صحيح مسلم .

4- الوتر بسبع ركعات:
وقد ورد بصفتين:
الأولى: يوتر بسبع فيسرد الركعات ولا يتشهد إلا مرة واحدة في آخرها ويسلّم، لحديث أم سلمة رضي الله عنها ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوتر بسبع أو خمس، لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام) أخرجه أحمد و النسائي وصححه الألباني.

الثانية: يوتر بسبع، فيسرد الركعات ثم يجلس في السادسة للتشهد ولا يسلم، ثم يقوم للسابعة ويتشهد ويسلم. وسيأتي دليله.

5- الوتر بتسع ركعات:
وتكون تسع ركعات ويتشهد فيها مرتين، مرة في الثامنة، ثم يقوم ولا يسلّم، ومرة في التاسعة و يتشهد ويسلّم. ودليل هذه الصفة و الصفة السابقة حديث عائشة رضي الله عنها في صفة وتر النبي صلى الله عليه و سلم، قالت ( ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده و يدعوه، ثم ينهض ولا يسلّم، ثم يقوم التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده و يدعوه، ثم يسلّم تسليمناً يسمعناه، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلّم و هو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بُنيّ،فلما سنّ نبي الله صلى الله عليه و سلم، وأخذه اللحم، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بُنيّ) أخرجه مسلم

و يسن أن يقرأ في الركعتين بعد الوتر «إذا زلزت الأرض» والثانية «قل يا أيها الكافرون» لحديث أبي أمامة الباهلي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما «إذا زلزت الأرض» و «قل يا أيها الكافرون» ) أخرجه أحمد وحسنه الألباني.

¤ القنوت في الوتر:
القنوت في صلاة الوتر مشروع في الجملة عند الجمهور -لكن لا يداوم عليه-.
وقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أُبي بن كعب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع) صححه الألباني،
و ورد عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال: ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر : «اللهم أهدني فيمن هديت .... » )أخرجه الأربعة وصححه الألباني، و( صحّ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقنت في الوتر )أخرجه البيهقي وصححه.

قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في ركعة الوتر أحياناً، وقلنا أحياناً لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه، فلو كان يفعله دائماً لنقلوه جميعاً عنه، نعم رواه عنه أُبي بن كعب وحده؛ فدل على أنه كان يفعله أحياناً.

¤ محل القنوت في الوتر:
ورد القنوت في السنة قبل الركوع و بعده، والصحيح جواز الأمرين، والسنة في ذلك التنويع، فيقنت أحياناً قبل الركوع وأحياناً بعده.
قال ابن حجر في الفتح : ( و قد اختلف عمل الصحابة في ذلك، والظاهر أنه من الاختلاف المباح)
و قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع : ( فيكون موضع القنوت من السنن المتنوعة التي يفعلها أحياناً هكذا و أحياناً هكذا)

¤ الدعاء المسنون في القنوت:
1- يبدأ القنوت بما صحّ عند البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قنوته/
( اللهم إنا نستعينك و نستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك و نتوكل عليك و نثني عليك الخير كله،ونشكرك ولا نكفرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونَحفِد، نرجو رحمتك و نخشى عذابك إن عذابك الجدّ بالكفار ملحق)
قال الشبخ ابن عثيمين: (هكذا قال الإمام أحمد رحمه، لأنه ثناء على الله، والثناء مقدم على الدعاء، لأنه فتحُ بابِ الدعاء) الشرح الممتع

2- بالدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه ( اللهم اهدني فيمن هديت، و عافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك) صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني

*ملاحظة:
أما الإمام فيقول «اللهم اهدنا فيمن هديت ...» لحديث: ( من أمّ قوماً فخص نفسه بالدعاء فقد خانهم) رواه أحمد والترمذي و حسنه.
قال ابن عثيمين: (إذا دعا الإمام فقال (اللهم اهدني...) والمأمومون يقولون: آمين، صار الدعاء له، والمأموم ليس له شيء، إلا أنه يؤمن على دعاء الإمام لنفسه، وهذا نوع خيانة) الشرح الممتع

3- ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، و بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) أخرجه مسلم

4- الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في آخر القنوت، وقد ثبت ذلك في حديث إمامة أُبي بن كعب بالناس في قيام رمضان، ( أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم في آخر القنوت) رواه ابن خزيمة

5- وله أن يدعو بما شاء لأن المقام مقام دعاء،قال ابن عثيمين -رحمه الله- : ( لو زاد الإنسان على ذلك فلا بأس، لأن المقام مقام دعاء، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت بلعن الكافرين، فيقول: ( اللهم العن الكفرة)، وفي هذا ما يدل على أن الأمر في ذلك واسع) الشرح الممتع

¤ رفع اليدين في القنوت:
يستحب رفع اليدين في القنوت لحديث أنس رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على قتلة القراء (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم) رواه أحمد والبيهقي، وقال الألباني في الإرواء إسناده صحيح على شرط مسلم.
وصحّ ذلك أيضاً عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهما.

¤ صفة رفع اليدين في القنوت:
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- :
( قال العلماء: يرفع يديه إلى صدره، ولا يرفع هما كثيراً، لأن هذا الدعاء ليس دعاء ابتهال يبالغ فيه الإنسان بالرفع، بل دعاء رغبة، ويبسط يديه و بطونهما إلى السماء) وقال رحمه الله ( يضم اليدين بعضهما إلى بعض كحال المستجدي الذي يطلب من غيره أن يعطيه شيئاً، و أما التفريج والمباعدة بينهما فلا أعلم له أصلاً، لا في السنة ولا في كلام العلماء) الشرح الممتع

¤ مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:
ورد في ذلك حديث عمر رضي الله عنه: ( أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كان إذا مدَّ يديْهِ في الدعاءِ لا يردُّهما ، حتَّى يمسحَ بهِما وجهَه) رواه الترمذي، وله شواهد من حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره
و قد اختلف أهل العلم في حكم هذا الحديث على قولين:
الأول: أنه ضعيف، و اختار ذلك الإمام أحمد و النووي و شيخ الإسلام ابن تيمية و العز بن عبدالسلام، ومن المعاصرين ابن باز والألباني و ابن عثيمين وبكر أبو زيد رحمهم الله جميعاً

الثاني: أنه حسن بمجموع طرقه، واختاره جمع من العلماء منهم اسحاق و النووي في أحد قوليه وابن حجر والمناوي والصنعاني و الشوكاني و الشيخ عبدالله البسام و الشيخ عبدالله بن جبرين رحمهم الله جميعاً

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( مسح الوجه بعد الدعاء ليس بدعة، لكن تركه أفضل للأحاديث الضعيفة وقد ذهب جماعة إلى تحسينها؛ لأنها من باب الحسن لغيره، كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر -رحمه الله- في آخر بلوغ المرام، وذكر ذلك آخرون، فمن رآها من باب الحسن استحب المسح، ومن رآها من قبيل الضعيف لم يستحب المسح) فتاوى نور على الدرب

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ( فالأفضل أن لا يمسح، ولكن لا ننكر على من مسح اعتماداً على تحسين الأحاديث الواردة في ذلك، لأن هذا مما يختلف فيه الناس) الشرح الممتع

¤ الذكر بعد الوتر:
قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه الأذكار فيما يقال بعد الوتر:
روينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما بالإسناد الصحيح، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: سبحان الملك القدوس». وفي رواية النسائي وابن السني: «سبحان الملك القدوس ثلاث مرات».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك». قال الترمذي: حديث حسن.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه


جمع و إعداد /
سعيد آل يعن الله خميس مشيط

منقول*

الأحد، 6 يناير 2019

أحكام الصلاة على الكرسي

( احكام الصلاة على الكرسي ) 
كثر في الآونة الأخيرة الصلاة على الكرسي في بعض المساجد مع قدرة بعض المصلين على الصلاة قياماً، وهذا تساهل في أداء هذه العبادة العظيمة، وجهل بالحكم الشرعي المترتب على الصلاة على الكرسي، لأن البعض يظن أن مجرد الشعور بالتعب يجيز له ذلك مع أنه قوي قادر، وهنا يخل بركن القيام والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين وغيرها.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع فلابد من بيان بعض أحكام الصلاة على الكرسي للعاجزين عن الصلاة قياماً أو العاجزين عن السجود :

1- أجمع أهل العلم على أن القيام ركن في صلاة الفرض للقادر عليه، لقوله تعالى {وقوموا لله قانتين}(البقرة: 238)، فإن كان الجالس على الكرسي قادراً على القيام دون مشقة لم تصح صلاته.

2- من لم يطق القيام، له أن يصلي جالساً سواء كانت صلاته على كرسي أو على غيره، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)(رواه البخاري).
ومع ذلك لا ينقص ثواب المريض في حال جلوسه عن ثوابه في حال القيام ما دام معذوراً، 
وقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: (مُروا أبا بكر أن يصلي بالناس)، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه قاعداً.، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إذا مرض العبد، أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)(رواه البخاري).

3- إن استطاع المصلي على الكرسي أن يبدأ قائماً وجب عليه القيام، 
فإن استطاع الركوع وجب عليه أن يركع ويجلس على الكرسي للسجود،
فإن لم يستطع الركوع فيجلس عند الركوع والسجود ويكون سجوده أخفض من ركوعه، 
وإذا عجز عن الوقوف أو القعود على الأرض جلس على الكرسي وأومأ بالركوع، 
فإن استطاع السجود سجد وإن لم يستطع السجود أومأ به إيماءًا، 
وإذا كان يستطيع الجلوس على الأرض والسجود وصلى على الكرسي لم تصح صلاته لأنه أخلَّ بركن السجود والجلوس بين السجدتين.
4- الصَّلاة على كرسي أفضل أمِ الصَّلاة على الأرض ؟

قال مركز الفتوى -إسلام ويب "فالقيام في الصَّلاة المفروضة ركنٌ من أركانها لا تجزئ بدونه، ولا ينتقل المصلِّي إلى الصَّلاة جالسًا إلا بعد عجزة عن القيام ففي صحيح البخاري عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: كانت بي بواسير فسألت النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الصَّلاة، فقال: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» [رواه البخاري 1117].، 
فإذا تحقق العجز عن القيام جاز له أن يصلِّي جالسًا لكن جلوسه هذا لا يبرر تركه للسُّجود؛ لأنَّ السجود ركنٌ من أركان الصَّلاة لا تجزئ بدونه، وبالتَّالي فلا تجزئ صلاته على كرسي إذا ترتب عليها تركه للسُّجود، 
وأمَّا النافلة فيجوز للقادر على القيام أن يصلِّيها جالسًا وله نصف أجر القائم، ولكن عليه أن يسجد على الأرض إذا أمكن ذلك مع التَّنبيه على أنَّ المصلِّي جالسًا له هيئتان مفصلتان فصَّلهما الإمام النَّووي في المجموع قائلًا: "وأمَّا القعود الَّذي هو بدل القيام وفي موضعه ففي الأفضل منه قولان ووجهان: أصحُّ القولين وهو أصحُّ الجميع يقعد مفترشًا وهو رواية المزني وغيره، وبه قال أبو حنيفة وزفر (والثَّاني) متربعًا وهو رواية البويطي وغيره، وبه قال مالك والثَّوري والليث وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وذكر المصنف دليلها وأحد الوجهين متوركًا حكاه إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيرهما؛ لأنَّه أعون للمصلِّي والثَّاني: يقعد ناصبًا ركبته اليمنى جالسًا على اليسرى وهو مشهور عند الخراسانين واختاره القاضي حسين لأنَّه أبلغ في الأدب
من لا يستطيع القيام والركوع كمن أصيب بقدميه ويستطيع الجلوس على الأرض أو على كرسي فلا يجوز له ترك السجود وهو قادر عليه، فكل ركن له أحواله الخاصة به، فقد يستطيع المريض القيام ولا يستطيع الركوع، وقد يستطيع الركوع ولا يستطيع السجود، فلا بد أن يؤدي ما يستطيعه من تلك الأركان، فإن لم يؤده مع قدرته عليه لم تصح صلاته لفوات ركن منها.
أما صلاة النافلة فيجوز الجلوس فيها لعذر أو لغير عذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد)(رواه البخاري)

5- يجب على من صلى جالساً على الأرض أو على الكرسي أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع، أما في السجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع، فإن لم يستطع ذلك جعلهما على ركبتيه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة ـ وأشار بيده على أنفه ـ واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر)(متفق عليه).
ومن عجز عن ذلك كله صلى على كرسي، ولا حرج عليه في ذلك لقول الله سبحانه وتعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}التغابن:16)، 
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(رواه البخاري).
وفي مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز قال: الواجب على من صلى جالسا على الأرض، أو على الكرسي أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع، أما في حال السجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع، فإن لم يستطع جعلهما على ركبتيه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم "الجبهة، وأشار إلى أنفه، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين".
مع ملاحظة : ألا يسجد على شيء يوضع له، أو يرفع له، كأن يكون متصلا بالكرسي أو غيره، أو يضع له مخدة ونحوها، كما يفعل بعض المسافرين بالطائرات، بحيث يجعل طاولة الطعام الملحقة بالكرسي الأمامي، أو في كرسيه موضعا لسجوده ويسجد عليها، بل يكفيه الإيماء، لأنه إذا عدم السجود والركوع على أصلها- وهي الأرض- فلا يقوم مقامها شيء، وعليه أن يسجد ويركع في محله إيماء، لكن يجعل السجود أخفض إيماء من الركوع.( بعض الكراسي الان تباع وفيها مسند للسجود وهذه غير مشروعة )

6- من صلى قائماً فعليه مساواة الصفِّ بالمنكب والكعب، فلا يتقدم أو يتأخر عن الصف، ولو تأخر الكرسي إذا كان لا يستطيع السجود على الأرض، لكن يراعي من وراءه في الصف الذي خلفه.

7ـ الذي يصلي جالساً على الكرسي عليه أن يحاذي المأمومين الواقفين بمنكبيه وهو جالس، ولو تقدمت رجلاه عليهم لأنه معذور
8- المصلي على الكرسي له الصلاة في أي مكان في الصف، لكن ينبغي ألا يؤدي وجوده إلى حدوث فرجة في الصف أو عدم تسويته

9ـ ينبغي لمن يصلي على الكرسي أن يختار كرسياً لا يشغل أثناء حركته ولا يأخذ حيزاً أو مكاناً أكثر من جسم المصلي عليه حتى لا يؤثر على من حوله من المصلين.

10ـ تجوز الصلاة خلف إمام مقعد يصلي على كرسي والمأموم يصلي خلفه جالساً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا، فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ)(رواه البخاري ومسلم واللفظ له).

11ـ إذا كان المسجد ممتلئاً بالمصلين فيجوز لمن يصلون على الكراسي أن يصلوا خلف الصفوف في آخر المسجد، ولهم أن يصلوا أوسط الصفوف وفي أطرافها.
12- إن كانت علته مؤقتة غير دائمة- أي ممن يرجى زوالها- فمتى أحس بمقدرة على أن يصلي كالصحيح صلى، إي: إن كان جالسا وأحس بذهاب علته قام ، وإن كان قائما وأحس بزوالها قعد، وكذا العكس إن كان صحيحا وأحس بعلة جلس.
13- ـ والخلاصة أن المريض إذا صلى على كرسي أو ما في حكمه فيجب عليه أن يصاف المأمومين حسب حاله إن كان يستطيع القيام فيصافهم قائماً وإن تأخر الكرسي، وإن كان لا يستطيع القيام فيصافهم جالساً على الكرسي ولو تقدمت رجلاه.
14كيفية وضع الكرسي في الصَّفِّ :
وقد سئل فضيلة الشَّيخ بن عثيمين -رحمه الله الَّذي يصلِّي على الكرسي في المسجد هل يجعل أرجل الكرسي الخلفيَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين أم يجعل أرجله الأماميَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين ؟ فأجاب -رحمه الله : "يجعل أرجل الكرسي الخلفيَّة بمحاذاة أرجل المصلِّين". 

سئل الشَّيخ -رحمه الله لكن لو قام سيكون متقدمًا على الصَّفِّ فأجاب -رحمه الله "هو ليس بقائمٍ (فيجعل) عجيزته موازية لأرجل المصلِّين

1

الخميس، 3 يناير 2019

أحكام النية

احكام متعلقة بالنية :
اولاً: النية وحكم التلفظ بها :
س : ما حكم التلفظ بنية الصلاة ، كأن يقول المصلي : نويت أصلي فرض الظهر أربع ركعات لله تعالى في لحظة تكبيرة الإحرام ؟

ج : التلفظ بالنية بدعة لا يجوز ، ولكن ينوي بقلبه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ولا يقول : نويت أن أصلي كذا وكذا ؛ لأن الرسول ما فعل هذا ، ولا أصحابه رضي الله عنهم ، فالتلفظ بالنية منكر ،


ولكن محلها القلب في جميع العبادات إلا في الحج والعمرة ، فيقول : لبيك عمرة أو لبيك حجا ، ويصرح بها : اللهم لبيك عمرة ، أو : اللهم لبيك حجا ، أو عنهما ما يحرم ، وأما ما سوى الحج والعمرة فإن محلها القلب .


س : يقول السائل : هل يجوز التلفظ بالنية أم لا يجوز ؟

ج : التلفظ بالنية غير مشروع بل بدعة ، فإذا أراد الصلاة لا يقول : نويت أن أصلي كذا وكذا ، ولا : نويت أن أطوف أو أسعى ، لا ، النية محلها القلب ، وهكذا عند الوضوء لا يقول : نويت أن أتوضأ ، النية محلها القلب ، والأعمال بالنيات محلها القلب ، النية هي القصد قصد القلب ، فلا يشرع التلفظ بها ، وما ذكره بعض الفقهاء من التلفظ لا دليل عليه بل هو غلط ، والمشروع أن ينوي بقلبه ، إذا قام للوضوء قد نوى بقلبه ، إذا قام يصلي نوى هذه النية ، إذا توجه إلى الكعبة يطوف هذه النية ، إذا توجه إلى المسعى ليسعى هذه النية ، ما يحتاج أن يقول : نويت أن أفعل كذا .

ثانياً: اختلاف النية بين الامام والمأموم :
1- الامام مفترض والمأموم متنفل :
 يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض، وهو قول الثوري والأحناف والشافعية والحنابلة، بل قال عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة: ( فأما صلاة المتنفل خلف المفترض فلا نعلم في صحتها خلافاً)
أدلتهم على ذلك: ما رواه مسلم عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة) أو قال: (يؤخرون الصلاة عن وقتها؟) قلت: ما تأمرني؟ قال: (صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة). وهذا واضح وصريح في الدلالة.

وما رواه أبو داود والترمذي وصححه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أبصر رجلاً يصلي وحده، فقال: (ألا رجل يتجر على هذا فيصلي معه فقام رجل فصلى معه) والدلالة هي أن الرجل كان يصلي فرضاً بدليل تأخره وصلاته وحده، وصلاة الرجل المتطوع خلفه إنما هي نافلة.

وعن يزيد بن الأسود - رضي الله عنه – أنه صلّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – صلاة الصبح فلما صّلى رسول - صلى الله عليه وسلم – إذا هو برجلين لم يصليا، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: (ما منعكما أن تصليا معنا)؟ قالا: قد صلينا في رحالنا، قال: (فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه، فإنها لكما نافلة). رواه أبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وصححه ابن السكن وابن حبان والدلالة: أنه أمرهما أن يصليا مع الإمام نافلة مع اختلاف النية.

2- صلاة المفترض خلف المتنفل :

هل يجوز لي أن أصلي مع المتنفل بنية الفرض إذا دخلت المسجد والصلاة قد انتهت، أم لا يجوز، وماذا أفعل إذا كنت أصلي النافلة ودخل المسجد أحد المصلين وصلى معي، ظناً منه أنني أصلي الفرض، هل يجوز أن أكون له إماماً‌، أم أدفعه بعيداً، أم أبتعد عنه؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

لا حرج في أن تصلي مع المتنفل وأنتَ ناوٍ الفرض، لأن الجماعة مطلوبة، ولا حرج أيضاً أن تصلي بمن دخل معك وهو قد فاتته الفرض وتصلي به وتنوي الإمامة، لأن الجماعة مطلوبة، هذا هو الصواب،
 وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا لا يصح إلا في النافلة،
والصواب أنه يجوز في الفرض والنفل، والدليل على هذا أن معاذاً -رضي الله عنه- كان يصلي مع النبي العشاء -عليه الصلاة والسلام- فرضه، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم فرضهم وهو متنفل، هو يصلي نفلاً لأنه قد صلاها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويصلي بهم فرضهم، فدل ذلك على أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، ومن ذلك ما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- في بعض أنواع صلاة الخوف، أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بآخرين ركعتين، فكانت الأولى له فرضاً، وكانت الثانية له نفلاً -عليه الصلاة والسلام-، فهذا هو الدليل على أنه لا حرج أنه يكون المتنفل إماماً للمفترض. جزاكم الله خيراً  ( ابن باز رحمه الله )

3- الامام يصلي العشاء والمأموم المغرب :
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

تأخر المصلون عن صلاة المغرب ، فوجدوا أن الإمام قام إلى صلاة العشاء ، فهل يصلون المغرب جماعة أم يدخلون مع الإمام ؟ وكيف يكون حالهم في الصلاة ؟

فأجاب  :

" الصحيح أن الإنسان إذا جاء والإمام في صلاة العشاء ، سواء كان معه جماعة أم لم يكن ، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب ، ولا يضر أن تختلف نية الإمام والمأموم لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . فإن دخلوا معه في الركعة الثانية سلموا معه ، لأنهم يكونون صلوا ثلاثاً ، ولا يضر أن يكون جلسوا في الركعة الأولى ، وإن دخلوا معه في أول ركعة ، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا وتشهدوا وسلموا ، ثم دخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء . وهو قول الشيخ بن باز رحمه الله

4- الامام مقيم والمأموم مسافر والعكس :
صلاة المسافر خلف المقيم، وصلاة المقيم خلف المسافر كلتاهما لا حرج فيها.

لكن إن كان المأموم هو المسافر والإمام هو المقيم، وجب عليه الإتمام تبعاً لإمامه، لما ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سُئل عن صلاة المسافر خلف المقيم أربعاً، فأجاب بأن ذلك هو السنة.

أما إن صلى المقيم خلف المسافر في الصلاة الرباعية، فإنه يتم صلاته إذا سلم إمامه

5- الامام قاعد والمأموم قائم :
تصح الصلاة خلف الإمام القاعد على الصحيح من أقوال العلماء، لثبوت السنة بذلك.
فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَصَلُّوا بِصَلاتِهِ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَجَلَسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا) رواه البخاري (647) ومسلم (623)

والأفضل أن لا يتقدمهم من يعجز عن القيام، خروجاً من خلاف من يقول ببطلانها.
قال النووي رحمه الله: " قال الشافعي والأصحاب: يستحب للإمام إذا لم يستطع القيام استخلاف من يصلي بالجماعة قائماً, كما استخلف النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن فيه خروجاً من خلاف من منع الاقتداء بالقاعد ; لأن القائم أكمل وأقرب إلى إكمال هيئات الصلاة.." انتهى من "شرح المهذب"(4/162) .

وقال ابن قدامة رحمه الله: " المستحب للإمام إذا مرض, وعجز عن القيام , أن يستخلف ; لأن الناس اختلفوا في صحة إمامته , فيخرج من الخلاف , ولأن صلاة القائم أكمل , فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة...." انتهى من "المغني"(2/28

ومن أدلتهم ما رواه أبو الزبير عَنْ جَابِرٍ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلا تَفْعَلُوا ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا ) رواه مسلم (624)

وعن أنس رضي الله عنه: ( وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجمَعُونَ ) رواه مسلم (622) ،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ( وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّوْا قُعُودًا أَجْمَعُونَ ) رواه مسلم(628).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والأصل في الأمر الوجوب، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك في أول الحديث بقوله: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به (.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " والجمعُ هنا ممكنٌ جداً، أشار إليه الإِمام أحمد رحمه الله فقال: «إنما بقيَ الصَّحابةُ قياماً، لأنَّ أبا بكرٍ ابتدأَ بهم الصَّلاةَ قائماً» ، وعلى هذا نقول: لو حَدَثَ لإِمام الحَيِّ عِلَّةٌ في أثناء الصَّلاةِ أعجزته عن القيام؛ فأكملَ صلاتَه جالساً، فإنَّ المأمومين يتمُّونَها قياماً، وهذا لا شَكَّ أنه جَمْعٌ حَسَنٌ واضح.

وعلى هذا؛ إذا صلّى الإِمامُ بالمأمومين قاعداً مِن أولِ الصَّلاةِ فليصلُّوا قعوداً، وإن صَلَّى بهم قائماً ثم أصابته عِلَّةٌ فجَلَسَ فإنَّهم يصلُّون قياماً، وبهذا يحصُلُ الجَمْعُ بين الدليلين، والجَمْعُ بين الدَّليلين إعمالٌ لهما جميعاً " انتهى من " الشرح الممتع "( 4/233)

6- قطع النية في الصلاة :
إذا نوى الإنسان قطع العبادة أثناء فعله لها بطلت ، ولا يستثنى من ذلك إلا الحج والعمرة ، فلا يبطلان بقطع النية ولا بالتصريح بالقطع ، بل يظل المحرم على إحرامه حتى يؤدي نسكه أو يتحلل بالإحصار .

قال في "المغني" (1/278) : " وإن تلبس بها –أي بالصلاة- بنية صحيحة , ثم نوى قطعها , والخروج منها , بطلت . وبهذا قال الشافعي " انتهى .


وقال في "زاد المستقنع" في باب الصلاة : " فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد بطلت " .


وقال في باب الصوم : " ومن نوى الإفطار أفطر ".


لكن رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه أن التردد لا يبطل الصلاة . ينظر : "الشرح الممتع" (1/486). ومَثَّل للتردد بما لو سمع قارعا يقرع الباب ، فتردد أأقطع الصلاة أو أستمر ؟
وبهذا يتبين أن من عزم على قطع العبادة بطلت ، لكن لو كان ذلك مجرد هاجس فلا تبطل به العبادة .
وبناء على ذلك فمجرد الهاجس بقطع الصيام لا يبطل الصيام حتى تعزم وتنوي الفطر .
وكذلك لو شك أثناء الوضوء في خروج البول منه ، فتوقف ونظر ولم ينو القطع ، ولم يجد شيئا ، فلا يبطل وضوؤه .
وكذلك إذا نوى قطع الوضوء بطل وضوؤه ، فلا يجوز له إكماله على ما مضى ، بل يتوضأ وضوءاً جديداً .


قال في "الإنصاف" (1/151) : " لو أبطل النية في أثناء طهارته , بطل ما مضى منها على الصحيح من المذهب , اختاره ابن عقيل , والمجد في شرحه , وقدمه في الرعايتين , والحاويين . وقيل : لا يبطل ما مضى منها , جزم به المصنف في المغني " انتهى .

وينبغي الحذر من الوسوسة ، فإن الشيطان يأتي الإنسان ويخيل إليه أنه خرج منه شيء ، وقد يتمادى الإنسان في ذلك فلا يكاد يفعل عبادة إلا شك فيها ، مما يوقعه في حرج وضيق شديد ،

7- ما حكم تغيير النية في الصلاة؟
الجواب: تغيير النية في الصلاة إما أن يكون: - من معيَّن إلى معيَّن. - أو من مطلق إلى معيَّن. فهذان لا يصحان. وإذا كان من معيَّن إلى مطلق، فلا بأس.

مثال المعيَّن منه إلى معيَّن: إذا أراد أن ينتقل من سنة الضحى إلى راتبة الفجر التي يريد أن يقضيها، فكبر بنية أنه يريد أن يصلي ركعتي الضحى، ثم ذكر أنه لم يصلِّ راتبة الفجر، فحوَّلها إلى راتبة الفجر، فهنا لا يصح؛ لأن راتبة الفجر ركعتان ينويهما من أول الصلاة.

كذلك أيضاً: رجل دخل في صلاة العصر، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فنواها للظهر، هذا أيضاً لا يصح؛ لأن المعيَّن لا بد أن تكون نيته من أول الأمر.

وأما المطلق إلى معين فمثل: أن يكون شخص يصلي صلاة مطلقة -نوافل- ثم ذكر أنه لم يصلِّ الفجر أو لم يصلِّ سنة الفجر، فحوَّل هذه النية إلى صلاة الفجر أو إلى سنة الفجر، فهذا أيضاً لا يصح.

 أما الانتقال من معيَّن إلى مطلق، فمثل: أن يبدأ الصلاة على أنها راتبة الفجر، ثم نسي، وفي أثناء الصلاة تبين أنه قد صلاها، فهنا يتحول من النية الأولى إلى نية الصلاة فقط.

أو مثلاً: إنسان شرع في صلاة فريضة لوحده، ثم حضرت جماعة، فأراد أن يحوِّل الفريضة إلى نافلة؛ ليقتصر فيها على ركعتين نافلة، فهذا جائز؛ لأنه حوَّل من معيَّن إلى مطلق. فهذه هي القاعدة: من معيَّن إلى معيَّن لا يصح، ومن مطلق إلى معيَّن لا يصح، ومن معيَّن إلى مطلق يصح. ...... ابن عثيمين رحمه الله

8- الصلاة بلا نية :
أما لو فرض أن على إنسان صلواتٌ مَقضيّةٌ؛ كما لو نام يوماً كاملاً عن الظهر والعصر والمغرب، فهنا إذا أراد أن يقضيَ لابدَّ أن يعيِّنَها بعينها ..

ومن النوافل المعينة الوتر، وركعتي الضحى، والرواتب، فهذه لابد أن تُعينَّها بالاسم، لكن بالقلب لا باللسان، فإذا أردتَ أن تصليَ –مثلاً- وكبرت، ولكن ما نويت الوترَ، وفي أثناء الصلاة نويتَها الوترَ، فهذا لا يصحُّ؛ لأن الوترَ نفلٌ مُعينٌ، والنوافل المعينةُ لابد أن تُعيَّنَ بعينِها.

1- الصلاة بالنية عن الميت :
س : هل الصلاة والصيام ينفعان الميت إذا عملا له ؟

ج : الصلاة ما هي مشروعة ، لا يصلى عن الميت ، وهكذا القراءة ،
أما الصيام إذا كان عليه صوم يصام عنه صوم الواجب ، إذا كان عليه صيام فرط فيه ، عليه صيام ولم يصم - يصوم عنه أولياؤه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من مات وعليه صيام صام عنه وليه )فيصوم عنه ولده الذكر والأنثى أو زوجته أو غيرهما من أقربائه ، هذا طيب وينفع الميت ، وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الصوم ، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنتِ قاضية ؟ اقضوا الله ؛ فالله أحق بالوفاء ) شبهه بالدين ، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذرا ، كله يصام عنه على الصحيح ولو كان صوم رمضان ، ولو كان صوم الكفارة ، قال بعض أهل العلم :
إنما يصام عنه النذر خاصة ، ولكن هذا قول ضعيف الأحاديث الصحيحة تدل على خلافه ، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان ؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه )أخرجه الشيخان في الصحيحين ،
وفي الصحيح عن عدة من الصحابة (أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وعليه صوم شهر ، وبعضهم قال : صوم شهرين ، أنصوم عنه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا عنه )وشبهه بالدين ، ولم يستفسر هل هو رمضان ، وهل هو كفارة وهل هو نذر ؟ فدل ذلك على أن الأمر عام ، يعم الكفارة ويعم النذر ، ويعم رمضان ،
وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن امرأة قالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان ، أفأصوم عنها ؟ قال : " صومي عن أمك ، أرأيت لو كان عليها دين ، أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ؛ فالله أحق بالوفاء )وهذا صريح في رمضان ، وإسناده قوي جيد

 أما إذا كان الميت ما فرط بل مات في مرضه هذا فلا صوم عليه عند عامة أهل العلم وجمهور أهل العلم ، لا يقضى عنه صوم ، ولا
يطعم عنه ؛ لأنه غير مفرط معذور ؛ لأن الله قال : (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )فالذي توفي في مرضه فأدرك الأيام الأخر معذور ليس عليه صيام ، وليس عليه إطعام ، أي ليس على ورثته إطعام ولا صيام .( ابن باز رحمه الله )

ثالثاً :  تغيير النية في الصيام :
1- من نافلة الى فريضة : لايصح هذا ، فالفريضة تحتج الى نية مستقله ومبيته ، كرمضان او كفارة اليمين او قضاء رمضان

2- الجمع بين الفريضة والنافلة في الصيام : كما الجمع بين قضاء رمضان وصيام الاثنين والخميس ، فهذا لاحرج فيه ولكن النية تكون للفرض ، وفضل الله واسع ( الشيخ عبدالعزيز الطريفي )

3- الجمع في النية بين فريضتين : كما الجمع بين قضاء رمضان وكفارة يمين ، فهذا لايصح ، فهذا له نية وهذا له نية
4- الجمع بين نية القضاء وبين صيام الست من شوال :  لايجمع بين هذا وهذا لان الست من شوال فيها تقييد ( من صام رمضان ثم أتبعه ست من شوال ) فلو صامها بنية رمضان ، فأين الست من شوال ؟  ومثله صيام يوم عرفة او صيام عاشوراء ، فهي مقيدة ( الطريفي )

5- النية للصيام في منتصف النهار والمستحب المعدود  :
- السؤال: هل صيام الست من شوال ويوم عرفة يكون لها حكم صيام الفرض فيشترط فيها تبييت النية من الليل؟ أم يكون لها حكم صيام النفل، بحيث يجوز للإنسان أن ينوي صيامها ولو وسط النهار؟ وهل يكون أجر الصيام وسط النهار كأجر من تسحر وصام النهار إلى آخره؟
- الإجابة : نعم، صيام النفل يجوز بنية من أثناء النهار، بشرط ألا يكون فعل مفطراً قبل ذلك، فمثلاً لو أن الإنسان أكل بعد طلوع الفجر، وفي أثناء اليوم نوى الصوم نقول هنا: لا يمكن أن يصح صومه، لأنه أكل، لكن لو كان لم يأكل منذ طلع الفجر ولم يفعل ما يفطر، ثم نوى في أثناء النهار الصوم وهو نافلة فنقول: هذا جائز؛ لأنه وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين دخل على أهله فطلب منهم طعاماً، فقالوا: ليس عندنا شيء. فقال: "إني إذاً صائم".
- ولكن الوقت لا يكون إلا من وقت النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، فما قبل النية فلا يكتب له أجره، وما بعده يكتب له أجره، وإذا كان الأجر مرتباً على صوم اليوم، فإن هذا لم يصم اليوم كاملاً، بل بعض اليوم بالنية، وبناء على ذلك لو أن أحداً قام من بعد طلوع الفجر ولم يأكل شيئاً، وفي نصف النهار نوى الصوم على أنه من أيام الست، ثم صام بعد هذا اليوم خمسة أيام فيكون قد صام خمسة أيام ونصفاً، وإن كان نوى بعد مضي ربع النهار فيكون قد صام خمسة أيام وثلاثة أرباع؛ لأن الأعمال بالنيات، والحديث: "من صام رمضان ثم أتبعه ستة أيام من شوال".

وحينئذ نقول لهذا الأخ: لم تحصل على ثواب أجر صيام الأيام الستة، لأنك لم تصم ستة أيام، وهذا يقال في يوم عرفة، أما لو كان الصوم نفلاً مطلقاً، فإنه يصح ويثاب من وقت نيته فقط. ( ابن عثيمين رحمه الله )
د- قطع النية في الصيام : وبهذا يتبين أن من عزم على قطع العبادة بطلت ، لكن لو كان ذلك مجرد هاجس فلا تبطل به العبادة .
وبناء على ذلك فمجرد الهاجس بقطع الصيام لا يبطل الصيام حتى تعزم وتنوي الفطر

6- تحويل النية في الصيام :
- اذا من نافلة الى فرض : فهذا لايصح
- اذا من نافلة مطلقة الى نافلة معينة : يصح صيامه ويؤجر من حين نيته ، واذا كان معدوداً فالعدد ناقص
- اذا كان من فريضة الى نافلة : فلا يصح ، فالقضاء لا يصح قطعه الاّ لسبب كمرض او سفر

7- الصيام بلا نية : استيقظ من الضحى ونوى الصيام :
- اذا كان تطوع مطلق فلا حرج ،
- واذا كان فرضاً فلا يصح ،
- واذا كان مستحباً معيناً فله الاجر من حيث نوى
- وان كان معدوداً فالعدد ناقص

8- الصيام بالنية عن الميت :
- أما الصيام إذا كان عليه صوم يصام عنه صوم الواجب ، إذا كان عليه صيام فرط فيه ، عليه صيام ولم يصم - يصوم عنه أولياؤه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه )فيصوم عنه ولده الذكر والأنثى أو زوجته أو غيرهما من أقربائه ، هذا طيب وينفع الميت ، وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الصوم ، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنتِ قاضية ؟ اقضوا الله ؛ فالله أحق بالوفاء )شبهه بالدين ، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذرا ، كله يصام عنه على الصحيح ولو كان صوم رمضان ، ولو كان صوم الكفارة ، قال بعض أهل العلم :
                      إنما يصام عنه النذر خاصة ، ولكن هذا قول ضعيف الأحاديث الصحيحة تدل على خلافه ، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه                    يصام عنه حتى رمضان ؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه )أخرجه الشيخان في الصحيحين ،
وفي الصحيح عن عدة من الصحابة (أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وعليه صوم شهر ، وبعضهم قال : صوم شهرين ، أنصوم عنه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا عنه )وشبهه بالدين ، ولم يستفسر هل هو رمضان ، وهل هو كفارة وهل هو نذر ؟ فدل ذلك على أن الأمر عام ، يعم الكفارة ويعم النذر ، ويعم رمضان ،
وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن امرأة قالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان ، أفأصوم عنها ؟ قال : " صومي عن أمك ، أرأيت لو كان عليها دين ، أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ؛ فالله أحق بالوفاء )وهذا صريح في رمضان ، وإسناده قوي جيد

 أما إذا كان الميت ما فرط بل مات في مرضه هذا فلا صوم عليه عند عامة أهل العلم وجمهور أهل العلم ، لا يقضى عنه صوم ، ولا
يطعم عنه ؛ لأنه غير مفرط معذور ؛ لأن الله قال : (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )فالذي توفي في مرضه فأدرك الأيام الأخر معذور ليس عليه صيام ، وليس عليه إطعام ، أي ليس على ورثته إطعام ولا صيام .( ابن باز رحمه الله )

رابعاً: احكام النية في الزكاة :

1- اسقاط الدين عن المعسر بنية الزكاة :
أن يسقط دينه على معسر قائلاً: الدينُ الذي لي عليك هو لك، ويحسبه من الزكاة.
وقد سئل ابن عثيمين – رحمه الله – عن هذه المسألة فأجاب بقوله :" هذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال:﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾(التوبة: من الآية103) والأخذ لا بد أن يكون ببذل من المأخوذ منه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد » (12) فقال:" تؤخذ من أغنيائهم فترد"، فلابد من أخذ ورد، والإسقاط لا يؤجد فيه ذلك؛ ولأن الإنسان إذا أسقط الدين عن زكاة العين التي في يده، فكأنما أخرج الردئ عن الطيب، لأن قيمة الدين في النفس ليست كقيمة العين، فإن العين ملكه وفي يده، والدين في ذمة الآخرين قد يأتي وقد لا يأتي، فصار الدين دون العين، وإذا كان دونها فلا يصح أن يخرج زكاة عنها لنقصه، وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (البقرة:267) (13)

2- تغيير النية من صدقة الى زكاة : فإن كنت لم ينو الزكاة وقت دفع المال، ثم أراد صرف المال المدفوع عن الزكاة، فلا يصح، وعليه دفع الزكاة، وأما إذا كان نوى تعجيل الزكاة وقتها، صح منه ذلك، وكانت زكاة معجلة، وتعجيل الزكاة جائز..
3- خامساً:الاغتسال بنية التبرد :هل الغسل يجزئ عن الوضوء؟
4- الجواب: الشيخ: الغسل المشروع كغسل الجنابة يجزئ عن الوضوء لأن الله تبارك وتعالى يقول (وإن كنتم جنباً فاطهروا)ولم يذكر وضوءً فالجنابة إذا اغتسل الإنسان عنها أجزأته عن الوضوء وجاز أن يصلي وإن لم يتوضأ, وأما إذا كان الغسل غير مشروع كالغسل للتبرد ونحوه فإنه لا يجزئ عن الوضوء لأنه ليس بعبادة. المرجع (فتاوى نور على الدرب)




الرسائل الأحدث

أحكام الإحداد