الثلاثاء، 26 فبراير 2019

أحكام النذر

( أحكام النذر ) 
تعريف النذر : أصله من الانذار وهو التخويف  وقيل الايجاب 
وشرعاً : إلزام مكلف مختار نفسه شيئاً لله تعالى 
وقيل : هو ايجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر 

حكمه ومشروعيته : 
   النذر مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي ذكره من الأدلة على ذلك.
وأما حكم النذر ابتداءً فإنه مكروه غير مستحب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النذر وقال: « إنه لا يردُّ شيئاً وإنما يستخرج به من الشحيح »، ولأن الناذر يلزم نفسه بشيء لا يلزمه في أصل الشرع، فيحرج نفسه، ويثقلها بذلك، ولأنه مطلوب من المسلم فعل الخير بلا نذر.
وفي الحديث : ( ان النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن قُدّر له ، ولكن يوافق النذر القدر فيخرج بذلك من البخيل مالم يكن البخيل يريد ان يُخرج ) رواه مسلم 

إلا أنه إذا نذر فعل طاعة وجب عليه الوفاء به؛ لقوله تعالىوَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270]، وقوله تعالىيُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7]، 
ولحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».
فقد مدح الله عز وجل الموفين بالنذر وأثنى عليهم، وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالوفاء به، فدل ذلك على أن النهي المتقدم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو للكراهة لا للتحريم، وأن المنهي عنه والمكروه هو ابتداء النذر والدخول فيه، وأما الوفاء به، وإنجازه لمن لزمه فواجب، وطاعة لله سبحانه. والنذر نوع من أنواع العبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، فمن نذر لقبر أو وليٍّ ونحوه، فقد أشرك بالله تعالى شركاً أكبر، والعياذ بالله.
شروط النذر، وألفاظه:
شروط النذر: لا يصح النذر إلا من شخص بالغ عاقل مختار، فلا يصح النذر من الصبي، ولا من المجنون والمعتوه، ولا من المكره؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رفع القلم عن ثلاثة...» الحديث، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ...» الحديث، وقد تقدما مراراً.
-  ألفاظ النذر: صيغ النذر وألفاظه أن يقول: "لله عليَّ أن أفعل كذا"، أو: "عليَّ نذر كذا". ونحو ذلك من الألفاظ التي يصرح فيها بذكر النذر.
أقسام النذر:
1- النذر الصحيح وغير الصحيح:
ينقسم النذر باعتبار صحته وعدم صحته إلى: صحيح وغير صحيح، أو: جائز وممنوع، أو منعقد وغير منعقد.
- فيكون النذر صحيحاً منعقداً واجب الوفاء: إذا كان طاعة وقربة، يتقرب بها الناذر إلى الله تعالى.

- ويكون غير صحيح ولا منعقد ولا واجب الوفاء: إذا كان معصية لله تعالى؛ كالنذر للقبور والأولياء أو الأنبياء، أو نذر أن يقتل، أو أن يشرب الخمر، ونحو ذلك من المعاصي، فإن هذا النذر لا ينعقد، ويحرم الوفاء به.
وفي الحديث عن عبدالله بن عباس قال : بينما رسول الله عليه الصلاة والسلام يخطب اذا هو برجل قائم فسأل عنه ! فقالوا : ابو اسرائيل نذر ان يقوم في الشمس ولا يقعد ويصوم ولا يفطر النهار ولا يستظل ولا يتكلم  ، فقال عليه الصلاة والسلام : " مروه فليستظل وليقعد وليتكلم وليتم صومه " 
قال مالك : " فأمره عليه الصلاة والسلام باتمام ما كان لله طاعة وترك ما كان معصية ، ولم يبلغني انه أمره بكفارة "
وفي الحديث : ( لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ) 
وفي الحديث : ( لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين ) ابو داوود والنسائي وهو صحيح بطرقه 
وفي الحديث : ( لا نذر في غضب الله وكفارته كفارة يمين ) رواه مسلم
وجاءت امرأة الى ابن عباس وقد نذرت ان تنحر ابنها ، فامرها بكفارة يمين 
وفي الحديث : ( من نذر ان يطيع الله فليف بنذره ، من نذر ان يعص الله فلا يف به ) رواه البخاري 
مسألة : من نذر لمخلوق او قبر : ليس عليه الوفاء ولا كفارة ، لان ذلك من الشرك والشرك ليس له حرمه بل عليه ان يتوب ويستغفر من هذا النذر

2- النذر المطلق والمقيد:
أالنذر المطلق: هو الذي يلتزمه الشخص ابتداءً دون تعليقه على شرط، وقد يقع شكراً لله على نعمة أو لغير سبب، كأن يقول الشخص: لله عليَّ أن أصلي كذا أو أصوم كذا. فيجب الوفاء به.
ب- النذر المقيَّد: وهو ما كان معلقاً على شرط وحصول شىء، كأن يقول: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي، فعليَّ كذاوهذا يلزم الوفاء به، عند تحقق شرطه، وحصول مطلوبه. 
مسائل في النذر : 
حكم من نذر أو يتصدق بجميع ماله : فهذا يجزيه ثلث المال، لما عند مالك وعبد الرزاق في مصنفة أن أبا لبابه قال للنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم «إن من توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبت فيها الذَّنب وأن أنخلع من مالي كلّه صدقة، قال: يجزئ عنك الثُّلث» [رواه أبو داود 3319 وصحَّحه الألباني]، وكذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم- لسعدٍ بن أبي وقاص: «الثُّلث، والثُّلث كثير» [متفقٌ عليه
 
حكم نقل النَّذر فهذا له ثلاث حالاتٍ:
1- أن ينقله من المفضول إلى الفاضل: فلا بأس، كأن ينذر أن يصلِّي في مسجد ركعتين، فيصليهما في المسجد الحرام.

2- أن ينقله من مساوٍ إلى مساوٍ: فهذا عليه كفارة يمين لفوات محله، مثل أن ينذر أن يصلِّي في مسجد جمعة ركعتين فيصليهما في مسجد جمعة آخر.

3- أن ينقله من الفاضل إلى المفضول: فليس له ذلك ولا تبرأ ذمته مثل أن ينذر أن يصلِّي ركعتين في المسجد الحرام فيصلِّيه في مسجد صغير
اذا نذر عبادة وعجز عنها فلها ثلاث حالاتٍ:
1- أن يعجز عن فعلها في وقتها: مثل أن ينذر أن يصوم يوم الخميس الموافق كذا وكذا فيعجز عن الصَّوم فيه فهنا يجب أن يقضي هذا اليوم ويكفر كفارة يمين لفوات محله.

2- أن يأتي ببعضه في محله وباقية في غير محله: مثل أن ينذر أن يصوم شهر محرم كاملًا فيصوم نصفه ويترك الباقي من غير عذر وإنَّما تكاسلًا، فهذا يجب أن يقضي الباقي ويكفر كفارة يمين لإخراج بعضه عن محله.

3- أن يعجز عن فعل العبادة كاملةً : كأن ينذر صيام ثلاثة أيام كل شهر فيمرض مرضًا لا يرجى برؤه أو كبر سنه، فهذا يكفر كفارة يمين وإذا شُفي وجب عليه الصَّوم
مصرف النذر :  مصرف نذر الطاعة على ما نواه صاحبه في حدود الشريعة ، فان نوى باللحم الذي نذره الفقراء ، فلا يجوز ان يأكل منه ، وان نوى بنذره اهل بيته او الرفقه جاز ان يأكل كواحد منهم 
ان نوى اخراج مال اخرجه مال وان نوى صيام وجب عليه الصيام وان نذر الصلاة فوجب عليه الصلاة  وهكذا
من نذر شيئاً لا يملكه الان ، فعليه الوفاء بالنذر عندما يملك ذلك الشيء ( صدقة او مال او عمرة او حج او ذبح او صيام اذا برئ من مرضه مثلاً )

مسألة : طالب نذر ان نجح ان يذبح ذبيحة ، لكنه لم ينجح من الدور الاول بل من الدور الثاني ؟ 
       ان كان عين الدور الاول والاّ ان كان أطلق النجاح فعليه الوفاء بالنذر( ابن باز فتاوى الدعوة ) 
مسألة : رجل قال : لله عليّ نذر أن أبيع سيارتي او لله عليّ نذر ان اشتري سيارة فلان..ماذا عليه ؟ 
هو بالخيار ان شاء فعل ما نذر – مع انها ليست لها علاقة بطاعة – وان شاء لم يفعل وعليه كفارة يمين ، لانه نذر مباح ( ابن عثيمين اللقاء المفتوح ) 
مسألة : من مات وعليه نذر : 
عن ابن عباس ان سعد بن عبادة استفتى النبي عليه الصلاة والسلام في نذر كان على امه ، فتوفيت قبل ان تقضيه ، فافتاه : ان يقضيه عنها ، فكانت سنة بعد 
 
وعن ابن عباس قال : أتى رجل النبي عليه الصلاة والسلام فقال : ان اختي نذرت ان تحج وانها ماتت ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : " لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم ، قال : فاقض الله فهو أحق بالقضاء " 
 
لو نذر مسلم أن يصوم، أو يتصدق، أو يعتمر، أو يحج، أو يصلي نافلة أو أن يعتكف يوماً أو غير ذلك من الطاعات فمات دون أن يتمكن من الوفاء [  ] بنذره، فإذا كان النذر مالياً فإنه لا يبطل بموت الناذر، ويؤخذ من رأس تركته في قول جمهور الفقهاء. قال ابن حجر: "وقد ذهب الجمهور إلى أنه من مات وعليه نذر مالي فإنه يجب قضاؤه من رأس ماله، وإن لم يوص إلا إن وقع النذر في مرض الموت، فيكون من الثلث، وشرط المالكية والحنفية أن يوصي بذلك مطلقاً 
 
ويقول الحنابلة: إن من نذر صدقة أو عتقاً أو غير ذلك من الطاعات ومات قبل فعله لا يسقط بموته، ويجب على الولي عنه فعله إذا ترك مالاً..لأن النذر دين، وقضاء الدين على الميت لا يجب على الوارث ما لم يخلف الميت تركة، يقضي بها، سواء أوصى بذلك أو لم يوص 
ويقول ابن رجب في قواعده: "ومنها: إذا مات وعليه عبادة واجبة تفعل عنه بعد موته، الحج، والمنذورات، فإن الورثة يفعلونها عنه، ويجب عليهم ذلك إن كان له مال... ". 
 
أما النذر غير المالي فقد اختلف الفقهاء - رحمهم الله - في حكم سقوطه بموت الناذر، فإذا كان النذر حجاً ومات الناذر قبل الإمكان من أدائه لأي عذر من الأعذار الشرعية التي طرأت عليه فلا شيء عليه وهذا لا خلاف فيه. 
وأما إذا مات بعد أن تمكن من أدائه ولم يحج فلا يسقط بموته، ويجب على الورثة قضاؤه من تركته بأن يحج ويعتمر عنه، فإذا لم تكن له تركة بقي الحج في ذمته، ولا يلزم الورثة الحج عنه، وهذا عند الشافعية ..والحنابلة والظاهرية ويقول الحنفية والمالكية: إن الحج المنذور يسقط بوفاة الناذر، ولا يلزم ورثته، ولا يؤخذ من تركته شيء لأجل ما وجب عليه من الحج إلا إذا أوصى بذلك   والصواب أنه لا يلزم الورثة الحج، أو أداء أي عبادة عن الميت لأن العبادة لا تؤدى إلا من الإنسان نفسه، وهذا هو الأصل، فلا ينوب أحد عن غيره فيها إلا إذا أمر، أو أوصى بذلك، وعلى كل حال فإن عمل الغير لا يسد محل الفرض الواجب عن الميت ولكن إذا فعل ذلك كان له فيه خير، وزيادة أجر، ولا شر فيه
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "إن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله غليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ أقضوا الله فالله أحق بالوفاء 
فإذا كان النذر صوماً وتمكن الناذر من قضائه فإنه لا يسقط بموته ويصوم عنه وليه عند الحنابلة والظاهرية والشافعية وهو قول ابن عباس والليث وأبي ثور 
وفرق الحنابلة بين صوم النذر والصوم الواجب كقضاء رمضان بأن للولي أن يصوم عن الميت صوم النذر ولا يقضي عنه رمضان، بل يطعم عنه. 
يقول ابن القيم: "وفصلت طائفة فقالت: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي، وهذا قول ابن عباس وأصحابه، والإمام أحمد وأصحابه، وهو الصحيح لأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة فكما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين، فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه 
وإذا كان النذر صلاة أو اعتكافاً فإن الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة  يرون أن الصلاة الواجبة بالنذر تسقط بموت الناذر، فلا يصلي أحد عن الميت لأن الصلاة عبادة بدنية لا تدخل فيها النيابة. 
مسألة : هل للانسان ان يغير جهة نذره اذا وجد جهة أكثر استحقاقاً بعد تحديد النذر وتحديد جهته ؟ 
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله : اذا نذر الانسان شيئاً في محل ورأى ان غيره أفضل منه واقرب الى الله وأنفع لعباد الله فانه لا حرج عليه ان يغير وجهة النذر الى الموقع الفاضل ودليل ذلك : ان رجلاً جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : يا رسول الله اني نذرت ان فتح الله عليك مكة ان اصلي في بيت المقدس ، فقال له : صل هاهنا ، ثم أعاد الرجل ، فقال له : صل ها هنا  ، ثم أعاد الرجل ، فقال له : شأنك اذن " فدل هذا على ان الانسان اذا انتقل من نذره المفضول الى ماهو أفضل فان ذلك جائز ) فتاوى اسلامية 
مسالة : من نذر ان يصلي او يعتمر ، فهل يجوز ان يخرجها مال ؟ 
يجب عليه ان يفي بنذره على الوجه الذي حدده ( بن جبرين رحمه الله ) 
مسألة : امرأة نذرت ان تصوم 6ايام من كل شهر اذا نجح ابنها ، ونجح ، وهي تشعر بالارهاق ، فماذا عليها ؟ 
قال بن باز رحمه الله : عليها الوفاء بنذرها ولو صامتها متفرقة اذا لم تنو التتابع 
مسألة : من نذر صيام سنة ؟ هذا نذر مكروه لانه كصيام الدهر ، وهو نذر معصية ، فعليه كفارة يمين 
مسألة : نذر ان فعل معصية ان يصوم شهرين متتابعين ؟هذا له حكم اليمين 
مسألة : الوفاء بالنذر من مال الغير ؟ لابأس اذا ساعدك انسان بذلك 

4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق